11.10.2020 Views

75919582

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

خلع املأمون

إن علم املستقبل عند الله وليس لي.‏ ولكن يظهر لي من هذا الحساب أن الفئة التي فيها

الفضل هي الغالبة بإذن الله.»‏

فازداد الأمني اعتقادًا بضرورة الخلع،‏ فأثنى خريًا على امللفان سعدون وأمر له

بجائزة،‏ فعلم هذا أن قد آن له أن ينصرف فجمع أوراقه وأدواته واستأذن وخرج.‏

ثم نهضت زبيدة للذهاب،‏ فأتتها املواشط فألبسنها ما خلعته عند وصولها.‏ وملا

ودعت ابنها نصحت له بأن يأتيَ‏ للإقامة بقصر الخلد قريبًا منها؛ فوعدها بذلك فعادت

بموكبها إلى دار القرار.‏

وأقر الأمني بعد ذهابها خلع أخيه وتولية ابنه موسى،‏ وبعث إلى خراسان بذلك كما

تقدم.‏ ثم جن َّد جندًا أراد أن يجعل الفضل قائدًا عليه.‏ ولكن هذا رغ َّبه في ابن ماهان

ففعل،‏ وخرج الجند ملقاتلة طاهر بن الحسني في الري،‏ وبعد إرسال الجند انتقل الأمني

إلى قصر الخلد ونقل معه بطانته.‏ أما ميمونة وسعدون فأبقاهما وأمر بالاحتفاظ بهما.‏

كانت ميمونة قد خرجت من حضرة الأمني وهي ترقص فرحًا ودهشةً‏ حتى أتت جدتها

وكانت تنتظرها على مثل الجمر،‏ فقصت عليها ما جرى وأثنت على مهارة رئيس املنجمني،‏

فاستغربت عبادة ما سمعته وقالت:‏ ‏«جزاه الله خريًا،‏ إن الله سخره لإنقاذنا من هذا

الخطر العظيم،‏ ولولاه ما رضيت تلك امللكة الظاملة بغري قتلنا.»‏

فقالت ميمونة:‏ ‏«وقد تخلى سلمان عنا فأرسل الله لنا من يأخذ بيدنا،‏ إنه سبحانه

لا يترك املظلوم حتى ينصره.»‏

ومكثتا في ذلك القصر بعد انتقال الأمني إلى قصر الخلد لا يعلمان شيئًا مما يجري

من شئون السياسة،‏ وفقدت ميمونة تسليتها بفقدها كتاب بهزاد،‏ وملا طال غياب سلمان

عنها كادت تنساه لولا ارتباط ذِكره بذِكر بهزاد.‏ وكيف تنساه وهو خليفة بهزاد عليها

وقد حمل إليها كتابه؟ وكانت في شوقٍ‏ كثري ملعرفة مكان حبيبها لتُطلعه على حالها لعله

يسعى في إنقاذها.‏ وأنى لها ذلك وهي محبوسة بني أربعة جدران لا تسمع خبرًا ولا ترى

رجلاً‏ . وكانت عبادة تحاول التخفيف عنها جهد طاقتها.‏

وفيما هما جالستان ذات يوم جاءتهما قهرمانة القصر تقول:‏ ‏«إن رئيس املنجمني

يطلب مشاهدة ميمونة.»‏ فبُغتت الفتاة وصعد الدم إلى وجهها وقالت:‏ ‏«ما شأننا معه؟»‏

قالت:‏ ‏«إن أمري املؤمنني أوصى بألا يؤذن لأحد في مشاهدتك غري رئيس املنجمني

متى شاء،‏ ولا بأس عليك منه.»‏

177

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!