75919582
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
مقتل الأمني
والسبب في مجيئها أنها بعد أن خرجت من قصر الخلد في ذلك املساء وهي على ما
وصفنا من الخوف على ابنها، ذهبت إلى قصرها مُبلبَلة البال، وكأن قلبها دلها على الخطر
القريب، فذهبت إلى الفراش ولم تنم. وبعد منتصف الليل أيقظتها قهرمانة قصرها
فنهضت مذعورةً وسألت عن الخبر فقالت القهرمانة: «إن بعض شاكرية قصر الخلد
يسأل عن أمري املؤمنني.»
فصاحت: «يسأل عن ابني؟ يسأل عنه هنا، أين هو؟ إني تركته في قصر الخلد منذ
ساعتني! أين الشاكري؟»
فأدخلوه إليها فقالت: «أين أمري املؤمنني؟»
قال: «لا نعلم يا سيدتي، وقد بحثنا عنه في كل مظان ِّه بالقصر فلم نجده ولا نعلم
أين هو.»
فنهضت والتف َّت بمطرفها وركبت إلى قصر الخلد وفت َّشت عنه هناك فلم تجده؛
فخطر لها أنه قد يكون ذهب في أمرٍ وسيعود، فمكثت على مثل الجمر حتى كاد الفجر
يلوح فحد َّثتْها نفسها أنه دخل مدينة املنصور للامتناع في قصرها، فركبت إلى هناك
وسألت عنه القهرمانة فذكرتْ أنها لم تَرَه.»
فقالت زبيدة: «رأيت بالباب بعض العيارين، فمن أتى بهم إلى هنا؟»
قالت: «ابن الفضل، وقد جاءني بكتابٍ منك ليُكلم الجارية ميمونة.» فلما سمعت
اسمها اشتد َّ غضبها وصاحت: «أين هي؟»
قالت: «هي في هذه الغرفة.» ولم تصبر زبيدة لتستقدمها إليها فتوج َّهت إلى الغرفة
ودخلت فجأةً وقد أخذ الغضب منها مأخذًا عظيمًا، فلقيها ابن الفضل بالباب فتنح َّى،
ودخلت فرأت ميمونة واقفة وجدتها عبادة إلى جانبها فلما رأت عبادة هناك لم تتمالك
أن صاحت: «وأنتِ هنا أيضً ا؟ تبٍّا لكِ من عجوزٍ شقية. إنك سبب متاعبي وأصل بلائي،
ما الذي جاء بكِ إلى هذا املكان؟»
فأطرقت عبادة وسكتت لأنها لم تجد وجهًا للكلام ولا عذرًا للمجيء؛ فوج َّهت زبيدة
خطابها إلى ميمونة وقالت: «والآن ألم يَئنِ ْ لكِ أن تقولي لنا عن مكان ذلك الشقي الخائن
الذي تُسم ُّونه بهزاد، وقد علمت أنه في بغداد، وكل بلائنا منه؛ أين هو؟»
فقالت وصوتها يختنق من الخوف: «لا أعلم يا سيدتي؛ فأنا سجينة هنا لا يصل
إلي َّ خبر ولا أعرف من حوادث الدنيا شيئًا.»
قالت: «أتكذبني والعلاقة بينكِ وبينه على يد خادمٍ اسمه سلمان؟»
199