11.10.2020 Views

75919582

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

الفضل بن سهل

في حدود الكهولة إذا نظرت إلى عينيه رأيتهما تنطقان بما في صدره من املطامع وما

يضمره من املكايد وما يفكر في نصبه من الحبائل بهدوء ورباطة جأش.‏ ولم يكن أخوه

الحسن في مثل مزاجه ودهائه وكان أقرب إلى إظهار ما في نفسه وتجلي أغراضه في

وجهه.‏ فلما جلس بهزاد أخذ الفضل وأخوه يسألانه عما وراءه،‏ فقص عليهما ما جرى؛

فأُعجبا بشجاعته وغريته،‏ ثم سأله الفضل رأيه في حزب الخرمية ببغداد فأجابه بقوله:‏

‏«إنهم على دعوتنا لا يدخرون في سبيلها مالاً‏ ولا نفسً‏ ا.»‏

قال:‏ ‏«وكيف فارقت ذلك الغلام؟»‏ يريد محمدًا الأمني.‏

قال:‏ ‏«فارقته بني الكأس والطاس والجواري والغلمان.»‏

فقال الحسن:‏ ‏«إن دولته ذاهبة لا محالة،‏ ولكن …»

فقال بهزاد على الفور:‏ ‏«ولكن ذلك لا ينفعنا إلا إذا أذهبناها نحن.»‏

فضحك الفضل ضحك الظافر وقال:‏ ‏«وإنا لفاعلون إن شاء الله،‏ إنما ينقصنا أن

يستحكم الخلاف بني الأخوين حتى يستنصرنا هذا على ذاك فنشترط شرطنا.»‏

فقال بهزاد:‏ ‏«لا تلبثون أن تسمعوا بذلك قريبًا بفضل صاحبنا سلمان.‏ وإلا ذهب

إسلامك عبثًا!»‏

فشق هذا التصريح على الفضل؛ لأنه مع اشتهار ذلك عنه واشتراك بهزاد معه فيه،‏

لم يكن يرضى أن يُقال عنه إنه أسلم رغبةً‏ في الدنيا،‏ أو لعله بعد أن أسلم احتيالاً‏ أصبح

يرى الإسلام حقٍّا.‏ ولكنه سكت لأنه كان يريد أن يُثبت قدم بهزاد في العمل معه ملا أظهره

من الكفاءة،‏ ثم نظر إلى أخيه الحسن كأنه يكتم أمرًا يتردد في التصريح به،‏ ففهم غرضه

وابتسم ونظر إلى بهزاد وبقي ساكتًا،‏ فابتدره الحسن بالكلام قائلاً‏ : ‏«إننا نرى لك فضلاً‏

كبريًا في نصرة الفرس،‏ وسيأتي يوم تنال فيه نصيبك من الفوز.»‏

فقطع الفضل كلامه قائلاً‏ : ‏«بل يناله اليوم؛ فهل نجد أكفأ منه لبوران.»‏ يعني بوران

بنت الحسن بن سهل،‏ وكانت بارعة الجمال يتحدث أهل خراسان بجمالها وتعق ُّلها.‏

فلما سمع بهزاد اسمها أجفل؛ لأنه مقيد القلب،‏ ولكنه لم يكن يستطيع رفضً‏ ا.‏

وكاد الاضطراب يظهر في وجهه ولكنه تجلد وحنى رأسه شاكرًا وقال:‏ ‏«إنها نعمة لا

أستحقها،‏ ولم أعمل عملاً‏ يُخو ِّلني هذا الإنعام،‏ ونحن لا نزال في أوائل الطريق!»‏

فاستحسن الفضل عُذره ولم يخطر له ببالٍ‏ أنه يتجنب الزواج ببوران وليس في

كبراء خراسان واحد لا يتمنى رضاها وقال:‏ ‏«وتكون قد تدرجت في مناصب الدولة.»‏

147

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!