11.10.2020 Views

75919582

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

الأمني واملأمون

وكان امللفان واقفًا في الجمع لم ينتبه له أحد،‏ فلما فرغ الناس من املبايعة وقف

الأمني فيهم خطيبًا فأصغَوْا وتطاولوا بأعناقهم،‏ فحمد الله ثم قال:‏ ‏«يا أيها الناس،‏ ويا

بني العباس،‏ إن املنون بمرصدٍ‏ لذوي الأنفاس.‏ حتمٌ‏ من الله لا يُدفَع حلولُه،‏ ولا يُنكَر

نزولُه؛ فارتجعوا قلوبكم من الحزن على املاضي،‏ إلى السرور بالباقي،‏ تَحوزوا ثواب

الصابرين،‏ وتُعطَوا أجر الشاكرين.»‏

ولم يكن الناس يتوقعون هذه الجرأة منه فاستغربوا ذلك،‏ ثم أمر أن يُفر َّق في الجند

رزق أربعة وعشرين شهرًا،‏ وكانت قد جرت العادة إذا تولى الخليفة أن يُنعم على الجند

بأرزاقهم ليكتسب ثقتهم.‏

وملا فرغ من مبايعة الناس تَقد َّم الحسن بن هانئ ‏(أبو نواس)‏ شاعره،‏ فهن َّأه

بالخلافة وعز َّاه في أبيه فقال:‏

جرتْ‏ جوارٍ‏ بالسعد والنحسِ‏

العين تبكي والسن ُّ ضاحكة

يُضحكها القائم الأمين ويُب

بدران بدرٌ‏ أضحى ببغداد في ال

ف ن ح ن ف ي وح ش ةٍ‏ وف ي أُن سِ‏

ف ن ح ن ف ي م أت مٍ‏ وف ي عُ‏ رسِ‏

ك ي ه ا وف اةُ‏ ال رش ي د ب الأم سِ‏

خلد وبدر بطوس في الرمسِ‏

وكان ابن الفضل أثناء ذلك لا يشغله شاغل عن الأمر الذي يريد أن يُسر َّه إلى امللفان

سعدون،‏ فما كاد يفرغ من مشاهدة املبايعة حتى تلفت فرأى امللفان يتأه َّ ب للخروج،‏

فاعترضه وسأله القدوم معه،‏ فاعتذر إليه ووعده بأن يعود إليه في املساء.‏ وكان عازمًا

على البحث عن مولاه بهزاد لريى ما يكون.‏

فقال له ابن الفضل:‏ ‏«عد إلينا في املساء إلى منزلنا بالرصافة.»‏ فودعه ومضى يلتمس

القصر املأموني.‏

كان أهل القصر قد علموا بموت الرشيد،‏ فشق َّ نعيه عليهم،‏ ولا سيما زينب بنت املأمون،‏

فلما سمعت الخبر بكت كثريًا.‏ وتوقعت دنانري الانقلاب الذي يُخشى حدوثه بعد موت

الرشيد لاط ِّلاعها على كثريٍ‏ من دسائس أهل البلاط وإن كانت لم تعرف بعدُ‏ ما عرفه

بهزاد من نكث بيعة املأمون.‏ وأصبحت تنتظر خبرًا من مولاها؛ لأنه إن كان سيتولى

خراسان تنفيذًا للعهد،‏ فقد يبعث إلى ابنته وسائر أهله بالشخوص إليه.‏ وشعرت وهي

في اضطرابها بحاجتها إلى الطبيب بهزاد تستشريه أو يساعدها في التخفيف عن زينب؛

62

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!