11.10.2020 Views

75919582

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

الأمني واملأمون

دولة أصحابه؛ فأحببت أن نتعاهد على الانتقام بني جدرانه،‏ وهذا أنو شروان العادل

كأنما يرانا ويسمعنا،‏ فإذا تعاهدنا أمام صورته كان عهدنا وثيقًا.»‏

ثم رفع السراج إلى رأس كسرى في الصورة وقال:‏ ‏«انظروا،‏ إنه ينظر إليكم بعينيه

نظرة عاتبٍ‏ كأنه يقول:‏ ‏«لقد تقاعدتم عن نصرة أُمتكم ورضيتم بالرضوخ لقومٍ‏

استخدموكم وأذلوكم وقتلوكم غدرًا،‏ فكيف تصبرون على الذل وفيكم العظماء والحكماء

والقواد،‏ ومنكم رستم وقورش ودارا وسابور وبرويز وأنو شروان وبزر جمهر،‏ وقد

حاربتم الإغريق والرومان والهند والصغد وفتحتم بلادهم.‏ كيف يغلبكم على أمركم أعراب

كانوا يَفدون علينا للاستجداء فنُنعم عليهم بالطعام واللباس،‏ وكان أحاسنهم من جندنا

وموالينا،‏ فتسلطوا عليكم بالسيف،‏ ثم نصرتموهم فقتلوا كباركم غدرًا وملكوا رقابكم

وأنتم صابرون،‏ ولو لم تصبروا لكنتم امللوك وهم عبيد لكم.‏ ومع هذا أليست مقاليد

الأحكام في أيديكم،‏ ومنكم وزراؤهم وقوادهم ورجال العلم والسياسة فيهم؟ فكيف

تَحنون رقابكم لرجالٍ‏ ما فيهم إلا الضعيف،‏ وإنما غلبوكم بالحيلة واملداجاة.‏ إن الصبر

إذا طال أصبح مذلة وعجزًا.»‏ هذا خطاب أنو شروان،‏ ولأجله جئت بكم إلى هذا املكان.‏

أما أنا فإذا كنتم من الناقمني لأبي مسلم فاعرفوني؛ إني رسول إخوانكم في خراسان،‏

فما قولكم؟»‏

وكان بهزاد قد ارتفع صوته ونسي التكت ُّم والتستر ُّ وأشرق وجهه حماسةً‏ وشهامة؛

فرقص قلب ميمونة فرحًا لرؤيته وسماع خطبته،‏ ولكنها ظلت متشوقة ملعرفة ما في

الصندوق،‏ وقد فهمت من حديثهم أن فيه رأس رجل مظلوم،‏ فتلهفت ملعرفته.‏

وملا انتهى بهزاد من كلامه وهو ينظر إلى القوم والسراج في يده،‏ نهض أحدهم

وقال:‏ ‏«هل أنت رسول إلينا من إخواننا الخرمية في خراسان؟»‏

فقال:‏ ‏«إني رسول إليكم منذ بضعة أعوام.»‏

قالوا:‏ ‏«وما الذي عاقك إلى الآن؟»‏

قال:‏ ‏«تربصت حتى جاءت الساعة وسنحت الفرصة؛ لأن الأمور مرهونة بأوقاتها؛

فالآن مات الرشيد.؛ ذلك الذي غلبنا بمبادرته وكيده،‏ فقتل كبرينا وعمدتنا وعرقل

مساعينا،‏ أما خليفته فغلام غِ‏ ر ٌّ هم ُّه أكله وشربه و…»‏

فقطع الرجل كلامه قائلاً‏ : ‏«ولكننا أقمنا دولة فارسية أساسها الآن في خراسان،‏

وهذا أخوه املأمون ولي العهد لا يلبث أن يتولى العرش بعده،‏ وهو آلة في يد الفضل بن

سهل،‏ وهذا إنما أسلم وتقر َّب منه رغبةً‏ في نصرة الفرس وتطلعًا إلى هذه الفرصة؛ فإذا

أفضت الخلافة إلى املأمون بلغنا الغرض املطلوب على أيسر سبيل؟»‏

94

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!