11.10.2020 Views

75919582

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

الأمني والفضل بن الربيع

قال:‏ ‏«واملأمون ماذا فعلتم به؟»‏

قال:‏ ‏«لم نفعل به شيئًا؛ فإنه باقٍ‏ على خراسان كما كانت الوصية من قبل،‏ على أن

يكون وليٍّا للعهد.»‏

فما أتم كلامه حتى بانت الدهشة في وجه الأمني،‏ ونظر إلى امللفان سعدون،‏ فرآه

مُطرقًا هادئًا لا يخامره خوف ولا اضطراب،‏ فلم يتمالك الأمني أن صاح به:‏ ‏«ويلك من

أين أتاك علم الغيب؟»‏

فرفع بصره إلى الأمني وقال:‏ ‏«لا فضل لي يا مولاي،‏ إن هذا العلم معروف عند

املنجمني،‏ ولكن الذين يصدقون في استخدامه قليلون.»‏

فقال:‏ ‏«إنما أعجبني صِ‏ دقك من غري اد ِّعاء،‏ قد جعلناك رئيس املنجمني.»‏

فوقف سلمان وانحنى بني يدي الأمني ودعا له بطول البقاء ثم قال:‏ ‏«إن هذه نعمة

لا أستحقها!»‏

قال:‏ ‏«بل أنت أهل لذلك وهذا جزاء الصادقني.»‏ وصفق فجاء الحاجب فقال له:‏

‏«قل لقي ِّم الدار أنْ‏ يُعِ‏ د للملفان منزلاً‏ يقيم به وأن يفرض له العطاء؛ فقد صار رئيس

املنجمني.»‏ ثم أشار إلى امللفان أن يجلس فانحنى ثانيةً‏ وكرر الدعاء وجلس وهو يقول:‏

‏«إن منازل أمري املؤمنني واسعة وحيثما أقمت فإنما أكون في حياطته غارقًا في نعمائه،‏

وإذا سمح لي أن أقيم حيث شئت كان ذلك أدعى ملرضاته؛ لأني لا أستغني عن الانفراد في

منزلي أحيانًا لعمل املندل أو مطالعة كتب التنجيم،‏ على أن أكون بني يدي أمري املؤمنني

متى شاء،‏ ولو جاز أن تُرد هِ‏ بَته لتقدمتُ‏ إليه أن يجعلني خادمًا رقيقًا بلا أجر؛ فإن

من تعاطى هذه الصناعة على حقها وجب عليه إنكار نفسه والبُعد عن ملاذ ِّ الدنيا وعن

التوسع في أسباب العيش،‏ ولكن نِعَم أمري املؤمنني لا تُرد.»‏

فاستغرب الأمني هذا التعف ُّف ولم يخطر له سماعه من مثل هذا الرجل وهو يعلم

أن أمثاله إنما يتقر َّبون إلى دار الخليفة طمعًا في املال؛ فالتفت إلى ابن ماهان والاستغراب

بادٍ‏ في وجهه كأنه يستطلع رأيه فقال ابن ماهان:‏ ‏«إن امللفان سعدون هذا طبعه،‏ والأمر

لأمري املؤمنني.»‏

فقال:‏ ‏«ولكنا قد نحتاج إليه في ساعةٍ‏ لا نجده فيها.»‏

فقال امللفان:‏ ‏«إني أقيم بدار أمري املؤمنني على أن يؤذَن لي في الخروج إلى منزلي

متى رأيت في الخروج فائدة فلا يعترضني أحد،‏ ولا أظن الحاجة تمس إلى دعوتي فلا

يجدوني.»‏

79

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!