11.10.2020 Views

75919582

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

الأمني واملأمون

فجلس سلمان وما زال يتمتم وقد ألصق ذراعه بجنبه كأنه يتأبط شيئًا يحرص

عليه،‏ فلما استقر به الجلوس أخرج من تحت إبطه منديلاً‏ من الحرير فيه كتاب هو

درج من الرق قديم العهد تَخر َّق من بعض جوانبه،‏ وتمه َّل في حل الصر ُّ ة وأخرج الدرج

مبالغة في الحرص عليه،‏ ووضعه في حجره فبانت من خلال الخروق كتابة بحرف لا

يقرؤه الإنس ولا الجان.‏ ثم رفع رأسه كأنه فرغ من القراءة أو التعزيم،‏ ومسح وجهه

من جبهته إلى لحيته،‏ والتفت إلى ابن الفضل وأخذ يُثني عليه لحسن وفادته فأجابه:‏

‏«لقد أتيتَ‏ أهلاً‏ ونزلت سهلاً‏ .» وبش َّ له يستأنس به استعدادًا ملا ينوي كشفه له من

أسرار.‏

فابتسم امللفان وقال:‏ ‏«لقد بالغت في إكرامي أيها الوزير.»‏

فغلب على وهمه أن امللفان إنما يدعوه وزيرًا لِما تبني له من علم الغيب في مستقبله،‏

لكنه تجاهل وأحب أن يحقق ظنه فقال:‏ ‏«إنك تدعوني وزيرًا والوزير أبي.»‏

فقال:‏ ‏«إن ابن الوزير وزير يا سيدي،‏ مُرْ‏ بما تشاء.»‏

قال:‏ ‏«دعوتني وزيرًا وأنا أدعوك رئيس املنجمني في دار أمري املؤمنني.»‏ فأدرك

سلمان أنه يَعِ‏ ده بهذا املنصب وهو يستطيعه لعظم نفوذ أبيه ورِضى الأمني عنهما؛

فأحب أن يثبته في وعده،‏ فقال:‏ ‏«بورك في ابن الفضل؛ فإنه يقول ويفعل،‏ وأنا سامع

مطيع.»‏

فأطرق ابن الفضل وأعمل فكرته ثم قال:‏ ‏«دعوتك لأُسرِ‏ َّ إليك أمرًا أنا شديد الحرص

على كتمانه وطيد الأمل في الحصول عليه.»‏

قال:‏ ‏«أما ما يشري إليه مولاي فهو سر ٌّ عن كل الناس إلا علي َّ؛ فامللفان سعدون لا

يُقال له ذلك.»‏

فاستغرب ابن الفضل دعواه وأحب َّ أن يمتحنه فقال:‏ ‏«وهل تعلم سري؟»‏

وكان سلمان قد سمع بعض خدم القصر املأموني يذكرون حب ابن الفضل مليمونة،‏

كما سمعه من عبادة عندما كانت تقص ُّ ه على دنانري،‏ وكان الخدم يومئذٍ‏ من أكثر الناس

اط ِّلاعً‏ ا على أسرار مواليهم؛ لأنهم كانوا لا يحذرون التكلم أمامهم استخفافًا بهم؛ فقال:‏

‏«أظنني أعرف سرِ‏ َّك إلا إذا كنت تعني غري حبك لتلك الفتاة التي تظن ُّ نفسها مجهولة

النسب.»‏

فدُهش ابن الفضل عندما فاجأه بهذا التصريح وبانت الدهشة في وجهه،‏ وسهل

عليه أن يكاشفه بما يُكن ُّه ضمريه فقال:‏ ‏«أما وقد علمت سري فلا أُخفي عليك أني أحب

68

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!