11.10.2020 Views

75919582

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

القصر المأموني

كان قصر املأمون على عهد قصتنا هذه في جنوبي القسم الشرقي من بغداد بعد قصر

الأمني.‏ وكان يُسم َّى قبلاً‏ القصر الجعفري نسبة إلى جعفر البرمكي وزير الرشيد.‏ والسبب

في بنائه أن جعفرًا كان شديد الشغف بالشرب والغناء،‏ وكان أبوه يحيى رجلاً‏ جليلاً‏ ذا

رأيٍ‏ وعقلٍ‏ يخاف على ابنه عاقبة هذا التهت ُّك؛ فنهاه فلم ينتهِ‏ ، وأوصاه بأن يستتر عملاً‏

بالحديث املأثور فأبى.‏ فلما أعيته الحيلة فيه قال له:‏ ‏«إن كنت تأبى التستر ُّ فاتخذ لنفسك

قصرًا بالجانب الشرقي من بغداد لأنه قليل العمارة،‏ واجمع فيه ندماءك وقيانك،‏ لتكون

بعيدًا من عيون من يكره ذلك منك.»‏

فقبل جعفر النصيحة وأمر ببناء قصره بالجانب الشرقي وبذل في بنائه مالاً‏ كثريًا.‏

فلما تم بناؤه سار إليه في جماعةٍ‏ من أصحابه فيهم صَ‏ ديق حكيم مخلص له اسمه مؤنس

بن عمران،‏ فطافوا القصر واستحسنوه،‏ ولم يبقَ‏ منهم أحد لم يُقر ِّظه بما يبلغ إليه إمكانه

إلا ابن عمران؛ فإنه ظل ساكتًا،‏ فقال له جعفر:‏ ‏«مالك ساكتًا لا تتكلم وتدخل معنا في

حديثنا؟»‏

فقال:‏ ‏«حسبي ما قالوا.»‏

فأدرك جعفر أن هناك شيئًا يكتمه فقال:‏ ‏«أقسمتُ‏ لتقولن.»‏

فقال:‏ ‏«أما إذا أَبَيتَ‏ إلا أن أقول فلك علي َّ ذلك.»‏

قال:‏ ‏«نعم واختصر.»‏

فقال:‏ ‏«أسألك باهلل إن مررت بدار بعض أصحابك ورأيتها خريًا من دارك فما كنت

صانعًا؟»‏ يشري إلى ما كان في نفس الرشيد من جعفر من إكبار ما بلغ إليه من الثروة

والنفوذ.‏

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!