75919582
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
الأمني واملأمون
فبدا الغضب على دنانري وقالت: «لقد أوغل هذا الرجل في القحة وتجاسر كثريًا!
وكأنه اغتنم فرصة غياب سيدي وحسب أننا نخاف سطوته ونُطيع أوامره. قبحه الله!»
فتأكدت ميمونة أن الكتاب يتعلق بها فصاحت: «مهما يكن من فحوى هذا الكتاب
فإني أحب الاطلاع عليه، والأمر لكِ في كل حال. أطلعيني عليه ولو كان فيه قتلي، باهلل
أطلعيني عليه.»
فلم ترَ دنانري بُدٍّا من مسايرتها، فدفعت الكتاب إليها فتناولته بيدها وهي ترتجف
وقرأته، وهاك نصه:
من الفضل بن الربيع وزير أمري املؤمنني إلى القهرمانة دنانري.
وقع إلى أمري املؤمنني أن في قصر مولانا املأمون فتاةً اسمها ميمونة جاءت
من عهدٍ قريب، ويجب أن يراها ويسألها عن بعض الشئون، ويطلب إرسالها
مع الشاكري حامل هذا الكتاب.
وما أتمت ميمونة تلاوة الكتاب حتى غشي الدمع عينيها وكاد الكتاب يقع من
أناملها لفرط دهشتها، وصاحت: «ويلاه! إن حبل تعاستي لا يزال متصلاً . ويلاه! ماذا
أفعل؟ دعيني أخرج من هذا القصر.»
فأخذت دنانري تُخفف عنها وقالت: «لا بأس عليكِ ، لن تخرجي من هنا، ولن نُسلمك
لأحد؛ إنكِ في ضيافتنا، كوني مطمئنة.» قالت ذلك وخرجت وظلت ميمونة وحدها. وملا
صارت دنانري في الدهليز صفقت فجاء الغلام فقالت: «قل للشاكري أن يذهب ولا جواب
له عندنا.»
ورجعت إلى ميمونة وهي ترتجف من الغضب، فوقعت ميمونة في حرية وأخذت
تندب حظها، ودنانري تُطمئنها وتُخفف عنها. وفيما هما في ذلك أتت عبادة وهي خالية
الذهن من الأمر، فلما رأتهما قالت: «ما بالكما؟»
قالت ميمونة: «إن وزير السوء كتب في طلبي، وزعم أن أمري املؤمنني يحب أن
يسألني عن بعض الشئون!»
فأطرقت عبادة وفكرت هنيهة وقالت: «قد علمتُ السبب في ذلك، إن الكتاب ليس
من أمري املؤمنني وإنما كتبه الفضل لغرض في نفسه أنا أعلمه، وأظنكما تعلمانه أيضً ا.
والأجدر أن نخرج من هذا القصر قبل أن يتفاقم الخطب ويحدث ما لا تُحمد عقباه
بسببنا.»
118