11.10.2020 Views

75919582

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

دنانري وأم جعفر

ما معه من الحرم والأموال وغري ذلك،‏ وأقر كل من كان هناك على عمله.‏ فلما قرءوا

الكتب تشاوروا مع القواد فيما يفعلون بالعهود التي عليهم للمأمون في بغداد؛ فكان من

رأي الفضل أن يلحقوا بالأمني وقال:‏ ‏«لا أترك ملكًا حاضرً‏ ا لآخر ما أدري ما يكون من

أمره.»‏ وأمر الناس بالرحيل إلى بغداد،‏ ولن يلبثوا غري أيام حتى يصلوا إلينا وقد خلعوا

املأمون وما خلعوه إلا لأن أمه فارسية وهم عصبة يزعمون أنهم ينصرون العرب،‏ وما

ينصرون إلا مطامعهم،‏ وسيعلمون ما ينالهم من أخواله.»‏ قال ذلك وقد تعاظم غضبه

فازداد سلمان تهي ُّبًا من منظره رغم طول صحبته وما ألفه من أحواله،‏ وظل مُطرقًا لا

يجرؤ على النظر إليه مخافة غضبه،‏ ثم أحب أن يكلمه فرآه يتحف َّز للنهوض ويقول:‏ ‏«لا

بأس على ابن أختنا؛ فهو في خراسان بني أخواله،‏ وفيهم الفضل بن سهل.»‏

ونهض بهزاد فنهض سلمان معه وقال:‏ ‏«ما الذي نفعله الآن يا مولاي؟»‏

فأطرق وهو يحك ُّ جبينه بسبابته وإبهامه ثم قال:‏ ‏«لا بد من ذهابي لأمرٍ‏ خطرَ‏ لي

لا يَحسُ‏ ن تأجيله.»‏

فقال سلمان:‏ ‏«وهل أذهب معك؟»‏

قال:‏ ‏«كلا،‏ بل أرى الذهاب وحدي لسببٍ‏ ستعلمه!»‏

فقال وهو يهز رأسه إعجابًا واستغرابًا:‏ ‏«لقد أدهشتَني بما تكتمه وما تُظهره كأنك

تستخدم الجان!»‏

قال:‏ ‏«لم أفعل شيئًا غريبًا.»‏ وأخذ يُصلح قلنسوته ويعدل بند سيفه استعدادًا

للمسري،‏ فابتدره سلمان قائلاً‏ : ‏«إذا كنت لا ترى حاجة إلي َّ فإني أذهب لإتمام مهمتي

التي بدأتها في غروب اليوم،‏ ولولا تعج ُّلي لاط ِّلاعي على خبر الرشيد لأتممتها قبل مجيئي

ولو علمت أنك تعلم الغيب و…»‏

فقطع بهزاد كلامه قائلاً‏ : ‏«لا دخْ‏ ل للغيب فيما تراه،‏ وستعلم أنه طبيعي،‏ ولكنني

تعو َّدت ألا أقول شيئًا قبل التثب ُّت منه.‏ وإنما يُقدِم على كثرة الكلام أهل الطيش

فيُجعجعون ويُطنطنون ثم لا يأتون غري الكلام،‏ وعندي أن إذاعة ما ينويه املرء من

الأعمال يذهب بالعزم على إتمامه.‏ وما أجملَ‏ ما قيل:‏ ‏«استعينوا على قضاء حوائجكم

بالكتمان».»‏

وكان سلمان يُصغي إلى كلامه،‏ فلما فرغ قال:‏ ‏«إنها عِ‏ ظة بالغة؛ ولذلك فإني ذاهب

الآن لقضاء املهمة التي بدأتها،‏ ومتى انتهت أطلعتك عليها،‏ وأرجو أن تَحسُ‏ ن في عينيك

وألا تكون قد سبقتَني إليها!»‏

49

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!