11.10.2020 Views

75919582

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

خلع املأمون

قالت:‏ ‏«وكيف أبقيتها ولم تَخَ‏ فْ‏ شر َّها؟»‏

قال:‏ ‏«لأني وجدتها يتيمة مسكينة لا ضرر منها،‏ وقد أوصتني ابنة أخي بها خريًا

بعد أن أبيت إطلاق سبيلها لأُبقيَها هنا اتقاء ما نخشاه منها.»‏

قالت:‏ ‏«يتيمة مسكينة؟!‏ تبٍّا لها من خائنة غادرة!‏ وأغرب من ذلك أن تقبل شفاعة

ابنة أخيك،‏ وأخوك أشد عداءً‏ لك من أعدائك!‏ ألم يستعن عليك بالخراسانيني؟ وإذا أتيح

له أن يخلعك عن هذا العرش ألا تظنه يفعل؟ ومن أوجد هذا الغرور في نفسه،‏ أليس

هو جعفر بن يحيى أبا هذه الفتاة؟ لقد كان أبوك رحمه الله أدرى منك بأقدار الرجال

فقتله شر قتلة،‏ ولو لم يبادر إلى قتله ما جلستَ‏ أنت هذا املجلس،‏ فكيف تقول بعد ذلك

إنها يتيمة مسكينة وإن ابنة أخيك أوصتك بها خريًا؟ إن أخاك قد غلب فيه دم الفرس

على دم الهاشميني فأخذ من أمه مراجل أكثر مما أخذ من أبيه الرشيد؛ فتراه يستعني

بأخواله علينا.»‏

قالت ذلك وقد حمي غضبها وامتُقع لونها وذهب احمرار شفتيها وتور ُّد وجنتيها،‏

ووافق ذلك ما يجول في خاطره من خلع أخيه فأراد أن يجعل ذلك برأيها فقال:‏ ‏«ألم

يكن أبي قد بايع لي ولأخي عبد الله بالخلافة بعهدٍ‏ عل َّقه على الكعبة؟»‏

فقطعت كلامه وقالت وصوتها يخنقه الحنق:‏ ‏«لا قيمة لذلك العهد لأنه كُتب بإغراء

الوزير الخائن رغبةً‏ في إخراج الخلافة من بني هاشم عن طريق أخيك هذا،‏ وهل يصلح

أبناء الجواري للخلافة إذا وُجد أبناء الأحرار؟ أيُقاس ابن الجارية مراجل بابن زبيدة

بنت جعفر؟ أتعلم من هي مراجل وكيف اتصلت بأبيك حتى ولدت عبد الله؟»‏

قال:‏ ‏«لا.»‏ قالت:‏ ‏«أنا أقص ُّ عليك خبرها.‏ كانت مراجل من جملة جواري َّ مثل مارية

وقاربة وغريهما،‏ فرأيت أباك مشتغلاً‏ عني بمُغنية ليحيى وزيره اسمها دنانري،‏ وصار

يقضي كثريًا من وقته عندها،‏ فشكوته إلى أعمامه فأشاروا علي َّ بأن أشغله عنها بجوارٍ‏

أهديهن إليه،‏ فأهديته عشر جوارٍ‏ منهن مراجل هذه وهي فارسية.‏ فلما ولدت له عبد الله

رباه جعفر من صغره على حب الفرس حتى جرى ما نعلمه؛ فكيف يكون هذا صنوك.‏

أما العهد الذي أشرت إلى أنه مُعلق في الكعبة فابعث من يأتي به ومزقه لأنه كُتب خداعًا.»‏

فسرُ‏ ِّي عن محمد وقال:‏ ‏«إذن أنتِ‏ ترين أن أخلع أخي عبد الله من ولاية العهد؟»‏

قالت:‏ ‏«أولم تخلعه بعد؟ اخلعه قبل أن يخلعك.»‏

فاعتدل في مجلسه وقال:‏ ‏«قد كنت عازمًا على استطلاع رأيكِ‏ في هذا؛ فالحمد هلل على

أن وافق رأيكِ‏ رأي الفضل.»‏

171

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!