11.10.2020 Views

75919582

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

مقتل الأمني

‏«تريدون إنشاء دول لا نكث فيها ولا غدر،‏ ولم نرَ‏ صاحب دولةٍ‏ استغنى عن ذلك،‏

ولولا أن غدر أبو مسلم الخراساني ما غلب،‏ واملنصور لو لم يغدر به لم تثبت دولته،‏

والرشيد لو لم يغدر بجعفر لكان في خطرٍ‏ على خلافته.‏ بل ارجع إلى صدر الإسلام ترَ‏

عليٍّا وأبناءه لم يفشلوا في سياستهم إلا لأنهم توخ َّ وا الحق والوفاء وبالغوا في البُعد عن

الغدر والدهاء.‏ ولو لم يمكر معاوية ويغدر ملا استطاع أن يُنشئ دولةً‏ ولا أقام سلطانًا.‏

وقد توارث العلويون حب الحق والتدقيق في الوفاء من علي ٍّ فكان حظهم الفشل مثل

حظه.‏ ما أحوجنا نحن إلى الغدر الآن،‏ على أني لم أكلفك ارتكاب هذه الجريمة فتحم َّلتُ‏

الذنب وحدي.»‏

فأعجبه اعتذاره وقال:‏ ‏«ومع ذلك،‏ فإن الغادر تعود عاقبة غدره عليه،‏ والتاريخ

أصدقُ‏ شاهد.»‏ وسكت وقد سر َّه التخلص من الأمني على يده ودون أن يتحم َّل وزر دمه

فقال:‏ ‏«وكيف فعلتم؟ كيف قتلتموه؟ قب َّحكم الله!»‏

قال:‏ ‏«سرقتُ‏ خنجرك وتزي َّيت بزي جند الفرس،‏ وأسرعت إلى املكان الذي تركت

الأمني فيه وقد مضى نصف الليل والظلام شديد،‏ فلقيت ببابه بضعة رجالٍ‏ من العجم

وسيوفهم مسلولة،‏ فاختلطت بهم ودخلت معهم على الأمني فوجدته قاعدًا،‏ وملا رآنا نهض

قائمًا وقد أخذ الرعب منه مأخذًا عظيمًا وقال:‏ ‏«إنا هلل وإنا إليه راجعون،‏ ذهبتْ‏ واللهِ‏

نفسي في سبيل الله،‏ أمَا من مغيث أما من أحد من الأبناء؟»‏ أما نحن فظَلِلْنا داخلني عليه

وكان بيده وسادة تتر َّس بها وهو يقول:‏ ‏«ويحكم!‏ أنا ابن عم رسول الله،‏ أنا ابن هارون،‏

أنا أخو املأمون،‏ اللهَ‏ اللهَ‏ في دمي!»‏ فخِ‏ فتُ‏ أن تدرك القومَ‏ رأفةٌ‏ فيفسد علينا أمرنا؛ فألححت

على رجل أمامي كان سيفه مسلولاً‏ بيده وقلت:‏ ‏«عليك به.»‏ فضربه بالسيف على رأسه

فرماه الأمني بالوسادة فتقدمتُ‏ أنا وطعنته بهذا الخنجر في خاصرته فكانت القاضية

فصاح:‏ ‏«قتلني،‏ قتلني.»‏ فدخل بقية القوم فذبحوه من قفاه وأخذوا رأسه ومضَ‏ وا به إلى

طاهر وجئت أنا بالخنجر إليك.‏ فإن كنتَ‏ ترى أني أستوجب القصاص فاحكم علي َّ.»‏

قال:‏ ‏«يظهر أن الرجل كان مقتولاً‏ لا محالة،‏ ولكنك جعلت لخنجري أثرًا في القتل

حتى يَصح َّ النذر.‏ رحم الله الأمني،‏ وهنيئًا لنا فقد انتهت مهمتنا.»‏

قال سلمان:‏ ‏«ونحن راجعون إلى خراسان غدًا إذا شئت.»‏

قال:‏ ‏«وملاذا هذه العجلة؟»‏

فقال وهو ينظر إليه شزرًا:‏ ‏«فرغتَ‏ أنت من عملك وضمنت مستقبلك،‏ وهذه ميمونة

تحت أمرك لو مكثتما هنا أو في غري هنا فأنت مطمئن.‏ أم َّا أنا فَليِ‏ مأرب في خراسان لم

أتوث َّق منه بعد؛ لذلك أحببت الرجوع.»‏

195

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!