75919582
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
الأمني واملأمون
على بغلته عرفاه فتقدما إليه وأعاناه على النزول وقالا له: «إن مولانا الهرش ذهب إلى
مكانٍ قريب ولا يلبث أن يعود، وقد أوصانا بأن نُرحب بك ونُدخلك القاعة تنتظره فيها.»
فترجل ومشى العياران بني يديه وسلمان يخطو وراءهما بعكازه، حتى استطرق
من الدهليز إلى ميدانٍ تطرق منه إلى قاعة كبرية فيها عدة مصابيح مُدلاة من سقفها
كالثريا، وفي أرضها بساط عليه نقوش ووسائد ومقاعد، فدعاه العياران إلى الجلوس على
مقعد إلى اليمني فجلس، وكانت هذه أول مرة دخل فيها قاعة العيارين، لكنه لم يُدهش
لِما هناك من الأثاث الثمني، بل دُهش لِما رآه معلقًا في جدرانها من ضروب الأسلحة
وأدوات الحرب من مُختلِف أنواع السيوف والأقواس والرماح، ومن املقاليع بني مصنوع
من الجلد أو مجدول من الشعر أو من الحرير، وإلى جانب كل مقلاع مخلاته واملخالي
على أنواع. ورأى في بعض جوانب القاعة عِ صيٍّا طويلة من خشب الشوم وغريه يثب
عليها العيارون لقطع الأنهر، وبجانبها سلالم مصنوعة من الحبال تنتهي من أطرافها
بكلاليب يرمونها على السطوح إذا أرادوا الوثوب عليها، ويقال لها سلالم التسليك. غري
ما رآه من أدوات النفط التي يُشعلون بها الخرق املبتلة بالنفط ويرمونها باملجانيق.
ولم يرَ هناك إلا منجنيقًا واحدًا صغري الحجم لرمي النبال أو النفط وليس مما ترمى
به الحجارة الضخمة. هذا إلى ما رآه معلقًا في صدر القاعة من الدبابيس وهي العصي
وفيها املسامري من الحديد، وبعضها مسامريه من الفضة أو الذهب. وهذا الدبوس لا
يحمله إلا الرؤساء، وبينها دبابيس مصنوعة من الحديد. ورأى على رف ٍّ هناك أرغفة من
الرصاص يرميها العيارون على أعدائهم فتذهب بقوة عظيمة، وقد تقتل عدة أشخاص
في رمية واحدة. ورأى كثريًا من أدوات القتل والكسر والنقب وضروبًا من الحبال وغريها
مما يحتاج إليه العيارون.
54