11.10.2020 Views

75919582

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

مجلس الفضل

فقال ابنه:‏ ‏«نعم يا أبتِ‏ ، وهو رئيس املنجمني في دار مولانا الأمني.»‏

فأشار الفضل إلى سلمان أن يقعد،‏ فأطرق هذا متظاهرًا بالسذاجة وقلبه يخفق

تهي ُّبًا من الفضل بعد تلك املقابلة ‏(ويكاد املريب يقول خذوني).‏ على أنه تجل َّد وهد َّأ

روعه وتشاغل بتسوية املنديل الحريري حول كتابه املعهود.‏ وما كاد يأخذ مجلسه حتى

سأله الفضل:‏ ‏«أأنت رئيس املنجمني؟»‏

فقال:‏ ‏«هكذا يقولون يا مولاي،‏ ولكني لا أستحق هذا اللقب.»‏

قال:‏ ‏«يظهر أنك أهل لأكثر من ذلك،‏ فقد سمعت الكثري من صاحب الشرطة وابني

هذا عن مقدرتك العجيبة في استطلاع املخبآت!»‏

قال:‏ ‏«إن الفضل في هذا يرجع إلى هذا الكتاب،‏ وإلى ما تلقيته من القواعد التي

يُستعان بها في كشف الغوامض؛ فأنا أقول ما يظهر لي أو يُلقى إلي َّ،‏ وقد أتلو العبارة

وأنا لا أفهم معناها.»‏

فالتفت الفضل إلى ابن ماهان كأنه يستطلع رأيه في ذلك،‏ فأجابه هذا بإشارة من

حاجبيه مُصدقًا ملا قيل كل التصديق؛ فابتسم الفضل ابتسامة تشف ُّ عن ارتياب وقال:‏

‏«عند الامتحان يُكرَم املرء أو يُهان.‏ هل تجيب عما أسألك عنه؟»‏

فرفع امللفان رأسه نحو الفضل وبصره متجه إلى املذبة يتحرك بحركتها كأنه يُظهر

التهيب من النظر إلى وجهه وقال:‏ ‏«اسأل ما تريد،‏ وما العلم إلا من عند الله،‏ فإذا فتح

علي َّ بشيءٍ‏ قلته،‏ وإلا اعترفت بعجزي؛ فهذه هي عادتي.»‏

فلما قال ذلك هز َّ ابن ماهان وابن الفضل رأسيهما موافقَني؛ لأنهما خبرا ذلك فيه.‏

فاعتدل في مقعده وقال:‏ ‏«إني أسألك عن أمر مهم يتعلق بالخلافة فاصدقني خبره كما

تراه،‏ ولا تظنني أسألك عن أمر أجهله؛ فإني إنما أختبر معرفتك!»‏

فابتسم سلمان ابتسام الاستعطاف وقال:‏ ‏«إذا كنت في ريبٍ‏ من صدقي فالأولى

إطلاق سبيلي؛ فإني …»

فقال الفضل مقاطعًا:‏ ‏«لا،‏ لا أطلق سبيلك قبل أن أختبر صدقك أو خداعك،‏ فإذا

كنت من أهل العلم الصحيح فقل لي عما أضمره.»‏

فلما أدرك سلمان جفاءه عمد إلى امللاينة وقال:‏ ‏«الأمر ملولاي في ذلك،‏ وله أن يُطلق

سراحي أو يُقيدني أو يقتلني أو يفعل بي ما يشاء بلا اختبار.»‏

وشعر ابن ماهان بأن سعدون قد استاء من تلك العبارة فقال:‏ ‏«لا يريد الوزير بك

إلا خريًا،‏ ولكنه تعو َّد أن يرى في بلاط الخليفة جماعة من املنجمني الدجالني،‏ وملا ذُكر له

عملك وفضلك أحب اختبارك؛ فقل ما يبدو لك من أمر الخلافة.»‏

123

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!