18.06.2023 Views

ماكو فضاء حر للابداع -2-2023

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

‏)زيت أو أكريليك أو أحبار ومائيات أو مواد<br />

مختلفة،‏ على خشب أو قماش أو ورق(.‏<br />

يف مجموعة أعماله الورقية،‏ يستخدم علي<br />

طالب األكريليك مستغالً‏ هذه املادة يف بناء<br />

سطح خشن ذي خطوط بارزة،‏ ليوجد منها<br />

عنصرا تشكيلياً‏ له بعد زمني ال يقل أهمية يف<br />

داللته عن أهمية عناصر التكوين األخرى.‏ ويف<br />

استخدام آخر لألكريليك على الورق تكتسب<br />

اللوحة التي تصوّر مشهداً‏ من الطبيعة،‏<br />

شفافية مائية مشبعة بالضوء،‏ ولكنها طبيعة<br />

ذات مالمح حجرية أو أرض حجرية تؤكد<br />

مرجعية املصدر البصري الذي استعار منه<br />

الفنان موضوعه األثير هنا.‏ أما أعماله املنفّذة<br />

باأللوان املائية فهي ذات طابع شعري غنائي<br />

تتواصل فيها العناصر تواصال أثيريا.‏<br />

لعل جتريد األشكال املستمدة من احمليط عند<br />

علي طالب ال تبتعد كثيراً‏ عن واقعها.‏ ومن يرى<br />

شخوصه ال يحس أنه يرسم اإلنسان بقدر ما<br />

يريد أن يجسّ‏ د حالة ما.‏ كما أن الوحدة والقلق<br />

والسرية والتأمل ما هي إال حاالت مجردة أراد<br />

لها الفنان شكالً‏ فأوجد لها مجازاً‏ يوحي بها.‏<br />

وعبر هذا االختزال يلخّ‏ ص لنا املأساة الروحية<br />

لعالم الواقع.‏ بالتقابل الذي يجريه ما بني<br />

ال<strong>فضاء</strong> املليء باملجهول والكتلة املكثفة بالرموز<br />

من جانب،‏ وبني الفراغ املعتم واستشرافه من<br />

قبل الشخوص من جانب آخر،‏ يطرح الفنان<br />

مفهوم االنعزال والوحدة.‏ وحني يذهب إلى<br />

أبعد من ذلك فيصور لنا مشهداً‏ من الطبيعة<br />

ممثالً‏ بجبل أو أرض وعرة أو حياة جامدة<br />

مبفردات بسيطة يومية،‏ فإنه ينقل اإلحساس<br />

بالعزلة إلى الطبيعة أو األشياء،‏ ويرى فيها<br />

امتداداً‏ لعزلة اإلنسان ووحدته.‏ لوحته صورة<br />

داخل صورة داخل إطار،‏ ال تكشف عن نفسها<br />

إال مبا يسمح به الضوء املنبتّ‏ يف العمق،‏<br />

ليكشف عن شيء ويخفي جلّه:‏ ذلك كل ما<br />

تبقى من اإلنسان.‏<br />

يختار علي طالب للوحاته عموما أسماء<br />

لها طابع أدبي،‏ بل إن تكوينات لوحاته ذات<br />

مسحة سردية تغري املشاهدين بالغوص يف<br />

متاهات التأويل فتلهيهم عن التمتع باجلماليات<br />

البصرية املؤثرة للوحة واملهارات التصويرية<br />

للفنان.‏ احلدث السري الدائر داخل لوحة علي<br />

طالب،‏ واحلوار الهامس املنتشر يف أطياف<br />

ألوانه املتداخلة بانسجام،‏ من شأنها أن تقحم<br />

العني يف قضية البحث عن طبيعة نسائه<br />

املجزأة أوصالهن،‏ وعن وجوههن املتوارية<br />

وراء أصباغ مصطنعة،‏ وعن صمتهن املريب.‏<br />

فقد تغفل العني إدراك الرأس الغارق حتت<br />

اخلطوط املتشابكة وامللمس اخلشن لسطح<br />

اللوحة.‏ بل قد يتساءل البعض عن املفارقات<br />

املدهشة ما بني االنسجام اللوني والسكون<br />

الظاهري إزاء <strong>حر</strong>كة داخلية مليئة بالقلق<br />

والتوتر وغير ذلك من التفاصيل الصغيرة التي<br />

تقلب ميزان احلدث وتتغلب على كل ما يظهر<br />

من جمال وسكينة.‏<br />

ال تكشف هذه التناقضات عن نفسها بيسر،‏<br />

ولكنها تتجلى لدى التب<strong>حر</strong> يف تفاصيل املفردات<br />

التي تكوّن اللوحة،‏ السيما التفاصيل الظاهرة<br />

على الكتل التي يعاجلها الفنان معاجلة خاصة<br />

قادرة على خلق التوازن داخل العمل الفني.‏<br />

أما اخلطوط السريعة املكثفة احمليطة بالشكل<br />

الرئيس يف التكوين،‏ فإنها ال تعكس فقط<br />

صورة عن ذات الفنان،‏ وإمنا تعكس برهافتها<br />

وحيويتها حساسيته الشديدة وقدرته على<br />

اإلمساك باحلركة القلقة واملضطربة للنفس<br />

البشرية.‏<br />

تشكل املرأة عنصرًا مهمًا يف تكوين اللوحة<br />

عند علي طالب،‏ فهي الشيء ونقيضه.‏ غرابتها<br />

تستدرج املشاهد للبحث عما يخفيه ظاهر<br />

الصورة،‏ وتزجّ‏ به يف أتون أسئلة متوالدة.‏<br />

هي اجلمال والقبح،‏ وهي البراءة واخلبث،‏<br />

وهي الرحمة والقسوة،‏ وهي ال<strong>فضاء</strong> املفتوح<br />

والسجن املغلق،‏ وهي يف معظم األحيان جسد<br />

بال قلب،‏ ورمبا قلب يف جسد دمية.‏ ومن أجل<br />

أن ال يدع الفنان مضامينه الفكرية تخضع<br />

للتأويل األدبي والسردي فقط،‏ فإنه يوظف<br />

املوضوع لصالح فن الرسم ويخضعه ملهاراته<br />

التصويرية.‏ فاملرأة التي حتمل باقة ورد وتغلق<br />

علي طالب..بدون عنوان.‏ 1992<br />

زيت على القماش.‏ 150 x 150 سم<br />

مجموعة الفنان<br />

101

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!