ماكو فضاء حر للابداع -2-2023

قافلة )1969( ، شأنه شأن الوجه يف التجارب
السابقة:‏ شكل ظاهر يستبطن من األسرار
واألسئلة ما يزج باملشاهد يف العمل وسحره
ويجعله جزءا من لعبة التخفي والظهور،‏ تارة
يبدو مشخصاً‏ يتطلع بريبة وسرية نحو فضاء
مسكون بعوالم مجهولة،‏ وتارة أخرى يظهر
بشكل كتلة مليئة بالرموز.‏ فهو يف حالة سيرورة
متواصلة يغدو فيها مع نهاية املطاف كينونة
نابعة من األرض،‏ إن لم يكن هو األرض.‏
فالشكل احلجري الذي التأمت فوقه خطوط
الذاكرة وشققت سطوحه،‏ حتول إلى إشارات
توحي بتاريخ اإلنسان ومالمح حياته بدءاً‏ من
الطفولة.‏ يف هذا املجال يقول علي طالب:‏
‏»لقد حتوّل الرأس الذي شهد ما شهد من
أحداث،‏ إلى صخرة حُ‏ فرت فوقها خطوط
عميقة ومالمح ال حتمل تاريخ الشخص فقط،‏
وإمنا تاريخ األرض برمتها.«‏
هكذا اختزل علي طالب اإلنسان إلى رأس،‏
وحتول الرأس إلى حجر أثري.‏
لقد مثّل الرأس يف هذه املرحلة من جتربة
الفنان مصدراً‏ تنطلق منه الفكرة وإليه تعود.‏
واستخدم هذا الشكل يف التكوين،‏ رسماً‏ كان
أم نحتاً‏ مجسماً،‏ استخداماً‏ محيّراً‏ ومقلقاً.‏
فهو إذ يحيطه بفضاء فارغ،‏ ويضفي عليه
ألوانا محدودة إلى حد كبير،‏ جنده ال يركّز
على كتلة هذا الشكل فقط،‏ وإمنا يستنفره
ليكوّن منه عاملاً‏ يشي بعُتقه.‏ وهو إذ يستمد
مرجعية أشكاله من محيطه وبيئته،‏ فإنه
يعمل على جتريدها لتغدو فضاءً‏ حاوياً‏ لكل
األزمنة واألمكنة.‏ بل إنه يرينا كيف أن الشكل
اإلنساني،‏ متمثالً‏ بهذا احلجر،‏ قد حتوّل إلى
معنى مجازيا.‏ فأصبح الرأس،‏ الذي هو خالصة
اإلنسان،‏ حجراً‏ بقدر ما غدا احلجر إنسانا،‏
95