18.06.2023 Views

ماكو فضاء حر للابداع -2-2023

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

63<br />

تطور واكتساب مهارات إضافية إال أنه لم<br />

يكن مكتفياً،‏ اذ واصل عمليات البحث عن<br />

احتماالت جديدة.‏ ومع أن دراسته األكادميية<br />

هي التصوير وكانت اجتهاداته يف هذا اإلطار<br />

إال أن رسومه يف إاحدى املراحل أخذت شكل<br />

املنحوتات،‏ أي الكتل وما يحيط بها من فراغ،‏<br />

كما جلأ إلى اختبار إمكانياته يف النحت.‏ فعل<br />

ذلك يف عدة أمكنة بعد 1966 يف الكويت ثم<br />

يف بغداد عام 1985 والحقاً‏ يف عمان 1992.<br />

وهكذا نالحظ محاوالته لالستفادة من شكل<br />

املنحوته وما توفره من طاقة وإيحاء،‏ وقد<br />

حصل ذلك،‏ رمبا بتأثير جو النحت اآلشوري<br />

حيث تبدو األشكال اجلانبية البارزة ذات<br />

دالالت ترتبط باحلركة،‏ وهكذا استخرج من<br />

النحت ومن الذاكرة التاريخية معاً‏ مادة،‏ وهي<br />

ليست مجرد اشكال وإمنا أفكار وأسئلة قادته<br />

إلى آفاق جديدة على األقل كتحديات!‏<br />

إن التحديات يف بعض األحيان مبقدار ما<br />

تطرح أسئلة واحتماالت فإنها تولد القلق<br />

واحليرة بحيث يصبح الفنان مطوقاً‏ بكم<br />

إضايف من العذاب نتيجة ما يحيط به من<br />

أسئلة تتطلب إجابة،‏ وأيضا التجريب يف<br />

محاولة الكتشاف آفاق وحلول جديدة خاصة<br />

يف مناخ من احلراك واالضطراب.‏ أما بعد<br />

إقامته يف مصر وإدمان مشاهدة اآلثار املصرية<br />

فإن عالقة املصور بالنحات يف أسلوبه ظهرت<br />

بوضوح أكثر،‏ إذ بعد أن اهتم بالتفاصيل<br />

داخل اللوحة خالل إحدى الفترات ما لبث<br />

أن هجر تلك التفاصيل وأخذ ينحو أكثر<br />

نحو التجريد،‏ ثم الكتلة،‏ وأيضاً‏ االستفادة<br />

من تعدد األلوان داخل اللوحة الواحدة،‏<br />

وهي إحدى الصفات التي متيز الفن املصري<br />

القدمي،‏ إذ جتعله مختلفاً‏ عن فن بالد ما بني<br />

النهرين الذي مييل إلى التقشف واأللوان<br />

الكامدة،‏ وإلى اللون املفرد ومشتقاته.‏ كما<br />

أن الرموز السياسية لتلك املرحلة ظهرت<br />

يف أعمال فناني فترة الستينيات،‏ ثم الذين<br />

بعدهم،‏ وكان علي طالب من هؤالء،‏ وقد<br />

جتلت آثار هزمية حزيران أوالً،‏ ثم ما حلق<br />

بالفلسطينيني يف األردن ولبنان عالوة على<br />

األراضي احملتلة.‏ ولعل لوحته عن تل الزعتر<br />

دليل على ذلك خاصة وأن معظم أو كل<br />

الفنانني العراقيني كانت لهم انتماءات أو<br />

أفكار سياسية،‏ وما يعنيه ذلك من <strong>حر</strong>اك<br />

وصراع واختالف.‏ وإذا كان من الصعب وضع<br />

فواصل زمنية حادة ألعمال الفنان من أجل<br />

حتديد مراحله،‏ فإن من أبرز إجنازات علي<br />

طالب خالل فترة السبعينات وصوله إلى لوحة<br />

الرأس مركزاً‏ للوحة وميلؤها كلها،‏ ويف حال<br />

وجود عناصر أخرى يف اللوحة فإن مهمتها<br />

إبراز الرأس واعتباره مركز الثقل أو ‏»البطل<br />

لكل مشهد«‏ حسب تعبير علي طالب نفسه!‏<br />

هذه املرحلة يف تطور فن علي طالب واختياره<br />

أو وصوله إلى رأس يلتقي مع مروان قصاب<br />

باشي.‏ وليس هدف هذه الورقة إجراء مقارنة<br />

وإمنا النظر واإلشارة،‏ لعلّ‏ أحدا يأتي الحقاً‏<br />

ويجري نوعاً‏ من املقارنة بني ‏»رأس«‏ علي طالب<br />

و«وجه«‏ مروان.‏ لكن ما ميكن تأكيده هنا،‏<br />

وبسرعة،‏ أن لكل من الفنانني طريقة خاصة يف<br />

املقاربة أو املعاجلة،‏ وبالتالي لكل منهما رؤيته،‏<br />

كذلك النتائج التي ينبغي الوصول إليها،‏<br />

ومع ذلك فإن مما يسترعي النظر أن يصل<br />

الفنانان إلى ‏»مركز الثقل«‏ الرأس و الوجه يف<br />

ذات املرحلة تقريباً،‏ وكيف يقرأ كل منهما هذا<br />

املشهد والذي يشبه املنجم،‏ وكأن الوجه مصدر<br />

الكتشافات التنتهي وعامل م<strong>حر</strong>ض للفنان<br />

لكي يبحث ويتقصى حاالت واحتماالت دائمة<br />

التجدد.‏ ومع ان علي طالب قدم إضافات،‏<br />

وهو يواصل البحث،‏ فقد بقي غير راض،‏ وكان<br />

ينظر إلى لوحاته بعد أن تنجز بعذاب وليس<br />

بتلذذ،‏ وكما ضل طريقه إلى اجلمهور،‏ جمهوره<br />

الذي كان يعرفه أول األمر يقول:«‏ ‏..اآلن لم<br />

أعد أعرف جمهوري.‏ أصبحت عالقتي مع<br />

احلاضر واهية«)‏‎6‎‏(.‏ ولذلك بدأ بحثه يأخذ<br />

شكالً‏ معرفياً‏ صارماً‏ وأصبحت األشياء تذوب<br />

أو تتآكل مبجرد أن تأخذ أشكاالً‏ أو حني<br />

تطمح ألن تصبح جواباً،‏ وهكذا أصبح سؤاله<br />

عذاباً‏ متواصالً،‏ ألنه يؤدي إلى العزلة ويبدد<br />

اليقني.‏ وملا كانت مرحلة مصر هامة بالنسبة<br />

لهذا الفنان فقد اغتنى واكتسب موضوعات أو<br />

إضافات جديدة سواء يف النظرة إلى اللون أو<br />

طريقة التعامل مع سطح اللوحة أو العالقة<br />

بني العناصر التي تشكلها،‏ كما اليخفى تأثير<br />

الفن الفرعوني من حيث ضخامة احلجوم<br />

التي يختارها بعد الرأس أو إلى جانبه يختار<br />

علي طالب موضوعاً‏ آخر يكون مادة ملعرض<br />

جديد يقيمه:‏ املرأة والرجل!‏<br />

ومع أن موضوعاً‏ مثل هذا ميثل اخلصوبة<br />

والتواصل مع اآلخر ومغادرة العزلة والفردية،‏<br />

نكتشف أن اللغة التي توصل إليها هذا الفنان<br />

مضطربة ال من حيث التعبير وإمنا من ناحية<br />

داللة ما تقول،‏ إذ نكشف أن هذا الثنائي يعبر<br />

عن املزيد من العزلة والبعد.‏ وحني يتأكد<br />

الفنان من داللة ما يتولد نتيجة اجلمع بني<br />

علي طالب.‏ فريدة كالو.‏ 2009<br />

اكريلك على القماش.‏ 100 x 100 سم<br />

مجموعة خاصة،‏ لندن

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!