18.06.2023 Views

ماكو فضاء حر للابداع -2-2023

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

علي طالب:‏ اللغز والرمز<br />

مي مظفّ‏ ر<br />

الرسم عند علي طالب أشبه ما يكون<br />

باملمارسة الذهنية.‏ املجاز لديه عنصر<br />

أساسي،‏ فهو املعبر الذي يتم من خالله<br />

التحوّل حتت تأثير الضوء واللون.‏<br />

وكنتُ‏ إذا ميّمتُ‏ أرضاً‏ بعيدةً‏<br />

سريتُ‏ فكنتُ‏ السرَّ‏ والليلُ‏ كامتُه<br />

أبو الطيب املتنبي<br />

يف أعمال الفنان علي طالب ثمة حدث يدور<br />

يف طقس غامض يتوخى السرّية والتكتم.‏ ذلك<br />

هو جوهر الرؤية عنده،‏ وتلك هي اخلاصية<br />

التي حافظت عليها أعماله على مدى احلقب<br />

التي احتضنت مسيرته الفنية املتواصلة،‏ بغض<br />

النظر عن األمكنة التي أقام فيها،‏ والتغيرات<br />

التي انعكست على مالمح لوحته.‏<br />

كان أول عمل شاهدته لعلي طالب،‏ لوحة متثل<br />

مشهداً‏ طبيعياً‏ من الذاكرة لغابة نخيل من<br />

جنوب العراق أو بستان ‏)زيت على قماش(.‏<br />

كان قد نفّذه يف نهاية الستينيات من القرن<br />

ااملاضي.‏ فاستوقفتني ألسباب مختلفة،‏ أدركت<br />

بعضها وغمض عليّ‏ الكثير منها،‏ وزجّ‏ ت بي يف<br />

أجواء من حلم ذي تفاصيل صغيرة تسبح يف<br />

ضباب اللون.‏ كان منبع هذه التفاصيل فكرة<br />

واحدة مجزأة يف مجموعة صور كل واحدة<br />

منها وحدة قائمة بذاتها تعبّر عن حالة من<br />

حاالت االنعزال والسرية.‏ أدركت حينذاك<br />

أنني أمام لعبة ملغزة تنبع من عوالم داخلية ما<br />

تكاد تفصح حتى تتكتم.‏ ثم اكتشفت مع مرور<br />

الوقت،‏ وتوثق معرفتي بأعماله يف السنوات<br />

التالية،‏ أن هذا التداخل ما بني الظاهر<br />

واخلفي إمنا هو سمة لصيقة بفن علي طالب<br />

ظلت تالزمه على مدى السنوات.‏ ففي معرضه<br />

الشخصي األخير الذي أقامه يف عمان ‏)قاعة<br />

األورفلي – عمّان،‏ أيلول 2006(، عرض علي<br />

طالب لوحة بحجم كبير موضوعها ‏)حياة<br />

جامدة(،‏ حملت يف تصويرها البارع وطبيعتها<br />

التأملية إحساسا عميقا بالعزلة والتوحد.‏<br />

إحساس كاد يشع من كل عنصر من عناصر<br />

تكوينها،‏ فأعادت إليّ‏ أجواء احلزن الشفاف<br />

لعمله الستيني ذاك.‏<br />

لطاملا كان التمرد على القيود،‏ والنزوع نحو<br />

التغيير من السمات التي تطبع املبدعني<br />

العراقيني،‏ وهو ما جتلى على نحو خاص<br />

بالشعر والفنون التشكيلية.‏ كان هذا التمرد<br />

قد بلغ ذروة اندفاعه وتوقه للتجريب وحتريك<br />

اجلمود الذي خيّم على األجواء الفنية بعد وفاة<br />

جواد سليم يف مطلع عام 1961. فاالجتاهات<br />

احلديثة واالنعتاق من القيود واألشكال<br />

التقليدية مع <strong>حر</strong>ية البحث والسعي للنهوض<br />

بتركة جواد سليم الفنية والفكرية لتحقيق فن<br />

ينطلق من احمللي إلى العاملي،‏ كانت عوامل<br />

حتريك ودفع للنهوض باحلركة الفنية ودفعها<br />

88

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!