18.06.2023 Views

ماكو فضاء حر للابداع -2-2023

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

إن هذه اللوحة مع بضع لوحات ظهر فيها<br />

الرأس على جدار تشكل الطرف التجريدي<br />

لسيرة الرأس،‏ وهي التخلو من اشارات رمزية،‏<br />

كالوفق الثالثي أو األرقام الالتينية ، األولى قد<br />

تشير إلى الزمن الكبير،‏ والثانية قد تشير إلى<br />

الزمن الصغير – الوقت.‏<br />

ثمة ترابط بني حتديدات الرأس وأسلوب<br />

املعاجلة،‏ فحيثما نرى الرؤوس يف وضع<br />

النائم نراها عند احلدود التجريدية للمعاجلة<br />

الشكلية والفنية،‏ وحيثما تصور منتصبة نراها<br />

أكثر حتديداً‏ من حيث التعبير بالوجه.‏ ويبدو<br />

أن هذا اإلختيار ميليه فعل التماهي،‏ فحالة<br />

اليقظة تستدعي إطار استناد موضوعياً،‏<br />

تتقوى معه أشكال التعبير اإلنساني للوجه.‏<br />

وبالعكس يف حالة الرأس النائم،‏ ينفتح الشكل<br />

داخلياً‏ على الرموز الشخصية.‏ إنه يتآكل ذاتياً‏<br />

يف جتريدية تنقله يف عدد من املواقع حتى<br />

يضحي هو بناء العمل الفني وحلمته وبقدر ما<br />

يتجرد تقوى إسقاطات الفنان الذاتية،‏ ليشير<br />

إلى نفسه ووجوده الذاتي.‏<br />

بالرجوع إلى عمل نفّذ يف أواسط السبعينيات<br />

نرى رأساً‏ قائماً‏ ومستديراً‏ بعض الشيء بدا<br />

مثل ممثل إميائي امتدت يد أشرت بإصبع<br />

السبابة إلى صدغه.‏ إن تلك احلذلقة التي<br />

تؤشر إلى مركز التذكر أو الصداع نفذت<br />

بألوان هارمونية بدرجات من اللون البني<br />

واألصفر.‏<br />

إن وجود شكل تعبيري دال وصغير كالرأس<br />

أو الوجه يف مساحة واسعة شكّل عددا<br />

من املشكالت اخلاصة باحليز الذي يحتله<br />

ومستوى ظهوره التعبيري.‏ الفنان حلّ‏ هذه<br />

املشكالت مبهارة،‏ فهو لم يناور عليها على<br />

مستوى التصميم،‏ إذ لم يقطع اللوحة إلى<br />

عدد من املساحات بل عالج السطح كله<br />

بألوان غير نقية،‏ من دون استخدام الضوء،‏<br />

مما أضاف التماسك على العمل الفني وشد<br />

التعبير الشكلي إلى اللون،‏ على نحو ظهر كأنه<br />

انبثق من وسط مناخ لوني.‏ إن البناء كله يبدو<br />

اقتراحاً‏ ذهنيا.‏ والعمل السابق استعاده الفنان<br />

يف أعمال أخرى بلون أخضر مكفف باألسود<br />

حاذفاً‏ اليد ومبقياً‏ على اإلصبع الذي يشير<br />

إلى الصدغ.‏<br />

استنتاجات<br />

من تلك الشروح التي قدمتها نستنتج أن الرأس<br />

ال يظهر يف أعمال الفنان بالصياغة الفنية<br />

نفسها.‏ فما بني تشخيصية تزداد وضوحاً‏<br />

لترتد ، وجتريدية أكثر أو أقل،‏ كان الفنان<br />

يشكل <strong>فضاء</strong>ين،‏ األول طبيعي،‏ والثاني ذهني<br />

، وظل يقطع املسافة ما بينها رواحاً‏ ومجيئاً،‏<br />

ويف تآكل بني تشخيصيته وجتريديته،‏ بني<br />

موضوعية الشكل وذاتية املعاجلة.‏<br />

من وجهة نظر الذاكرة،‏ التي هي حالة وصفية<br />

مثمرة،‏ أرى أنها تتضمن يف نسيجها الداخلي<br />

تلك املسافة التي تُقطع.‏ الذاكرة تتآكل وتُعيد<br />

بناء نفسها يف مناخ آخر ويف مدى يضيق<br />

ويتسع.‏ إنها تفقد موضوعها التأملي ثم<br />

تستعيده يف وضعيات أخرى ، مع تالزم ما بني<br />

النسيان واألشواق واخلواطر الذاتية اآلنية.‏<br />

إزاء ذلك علينا أن ال ننسى أن نكد الذاكرة<br />

متعب يف تقصيه وارتداده واختالطاته.‏<br />

يف هذه املسافة التي يضاعفها اخليال ال<br />

يستقبل املرء موضوعه إال عبر حتوالت ، وبهذا<br />

املعنى يواصل إسقاطه النفسي والعاطفي يف<br />

أحوال جديدة،‏ سواء فعل هذا بوساطة اجلزء<br />

النائم أو املستيقظ،‏ احلالم يف نومه أو احلالم<br />

يف يقظته.‏<br />

إن تكرار الرأس وحتوالته يحيلنا إلى اعتقاد<br />

أن أعمال علي طالب السبعينية والثمانينية<br />

تشكل سيرة واحدة من جهة املوضوع،‏ بيد<br />

أنها من جهة األسلوب متغيرة تغيراً‏ كبيراً،‏ إذ<br />

ال أسلوب واحد يشدّها،‏ ما يدفعنا إلى تبني<br />

مقاربة جديدة يف النظر إلى دالالتها النفسية<br />

والعاطفية.‏<br />

إذا حسبنا علي طالب تعبيرياً،‏ فعلينا أن<br />

نضيف أن هذا احلسبان مجازي.‏ إن االسلوبية<br />

تشكل عنده خرافة من خرافات الفنان.‏ حتى<br />

يف تكراره لالشكال الدالة ومعاوداته يف تقطيع<br />

اجلسد اإلنساني،‏ كان اليني يقطعها بأشكال<br />

وبناء جديدين.‏ من هنا أرى أن املضمون<br />

العاطفي عنده هو الذي يحدد األسلوب وليس<br />

تلك املعاودات الشكلية.‏ إن اللون العاطفي<br />

الذاتي هو املهيمن يف كل أعماله.‏<br />

ايضاحات<br />

يعد علي طالب من مجددي الستينيات،‏ وال<br />

يخفي أنه ما زال أميناً‏ على القضايا التي<br />

أثارتها تلك السنوات الثورية.‏ ما زال يفضل<br />

ارتكاساته األولى على كل ما يجري حوله.‏<br />

لديه فكرة مركزة عن احتياجاته الشخصية<br />

غير قابلة للمساومة وال االستبدال.‏ الستينيات<br />

بالنسبة إليه هي هواء التجربة البكر،‏ شبابه،‏<br />

35

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!