ماكو فضاء حر للابداع -2-2023
مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.
مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
بقدر ما هو مقتصد يف الشكل مقتصد<br />
باقتراحاته. إنه يقترب من تضييق داللي ميثل<br />
حقيقة عمله البصري الذي سنتلقاه بسيرة<br />
ذات نسقني اثنني : سيرة الرأس وسيرة<br />
رأسني، أو سيرة جسد ورأس.<br />
تشير الذاكرة عند علي طالب إلى الرأس، ليس<br />
بسبب املعاودات يف رسمه وحدها، بل ألنه<br />
ميأل الرؤوس أحيانا بالتذكارات. إن مقاصده<br />
تتكشف عن طريق املعاجلة الفنية، فهو دائم<br />
احلركة بني موضوعية الشكل وذاتيته هو، ويف<br />
بعض نقاط هذا املسار ثمة التحام، ويف نقاط<br />
أخرى ثمة انفصال. يظهر االلتحام عند تفكك<br />
املراجع األسلوبية للفنان، فتظهر سطوة الذاتية<br />
التي تتضح معاملها مبعاجلة جمالية داخل<br />
مساحة الرأس. ويف عدم نفي أن الفنان يصيب<br />
أهدافاً مجازية، فإني أرى الرأس ليس هو<br />
بالشكل الدال، وال هو بالشكل املدلول، بل هو<br />
عالمة يقع بني االثنني.<br />
إننا نعرف أن الرأس غادر اللوحة مرتني: مرة<br />
أضحى فيها هو العمل الفني، ومرة أضحى<br />
فيها كتلة نحتية. يف احلالتني ثمة انفصال<br />
شديد مثّل فيها الرأس قدراته الذاتية الشكلية<br />
واحلجمية مبا مياثل والدة جديدة له. إن<br />
وجوده أضحى وجوداً لنفسه، ليس بانتقاله<br />
إلى مستوى جديد من التحديد فقط، بل ومبا<br />
ترشح منه كذلك: الصبغة، امللمس، اإلشارات<br />
اخلطية، الرسوم..الخ.<br />
يف احلالة األولى يتسع الرأس يف حدوده<br />
احمليطية التي تصبح هي حدود العمل الفني.<br />
لم تعد هناك أعمال بناء إذن ألن شكل الرأس<br />
ميثل البناء كله، وتفسيره الفني والتعبيري<br />
كامن فيه. وسواء فكّر أو تذكّر أو حلم فهو<br />
يفعل ذلك بنسيجه اخلارجي. حياته الداخلية<br />
تظهر عليه بصرياً. إنه )األخضر(. اسمه من<br />
عالمته اللونية. اللون األخضر يلزم شفتيه<br />
حتى منتصف أنفه. على جبهته القليل من<br />
األخضر، وقمة رأسه متوّجة به مع درجات من<br />
األزرق. يف منتصف اجلبهة ثمة لطخة حمراء<br />
مضيئة تفتح العمل الفني إلى اخلارج . جزئه<br />
اخللفي الذي يظهر يف األسفل )ألنه صوّر وهو<br />
ينام نومة ملوك!( عولج بألوان فاحتة متيل إلى<br />
البياض مبا يشي بالعمق والصراع الداخلي<br />
أللوان متعددة الدرجات )أبيض- رمادي-<br />
أزرق(. التكنيك هنا مختلف، فثمة خدوش<br />
وخطوط سطحية ولطخات حمراء صغيرة<br />
وثآليل لونية، نحسّ معها أننا إزاء مشهد<br />
25
Change language