19.12.2015 Views

حرية التعبير

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

<strong>حرية</strong> الكلام<br />

القوانني املقي ِّدة أو التهديدات الفعلية والضمنية باستخدام العنف،‏ أو حرق الكتب،‏ أو<br />

اعتراض آليات البحث،‏ أو الإعدام في أكثر الحالات تطرفًا،‏ إلا أنه جدير بالذكر أن بعض<br />

الفلاسفة املاركسيني — مثل هربرت ماركوز في مقاله ‏«التسامح القمعي»‏ — أشاروا<br />

إلى أن غياب الرقابة لا يضمن ممارسة ال<strong>حرية</strong> على نحو يستحق التقدير؛ ففي مجتمع<br />

يلق ِّن فيه املسيطرون على وسائل الإعلام عامة الناس ويتحكمون فيهم،‏ قد تخدم <strong>حرية</strong><br />

الكلام مصالح ذوي النفوذ فحسب،‏ ويكون شبيهًا في تأثريه بالرقابة القمعية في مجتمع<br />

استبدادي،‏ وسواء كان ماركوز محقٍّا بشأن سهولة انقياد عامة الناس أم لا،‏ فإن الحل<br />

الذي قد َّمه — فرض رقابة على ‏«التحركات الرجعية»‏ خاصةً‏ ما يتعلق بالحق السياسي —<br />

هو شكل متناقض من أشكال التعصب تحت مسمى التسامح.‏<br />

(4) <strong>حرية</strong> لا إجازة<br />

يقر أنصار <strong>حرية</strong> الكلام دون استثناء تقريبًا بالحاجة إلى وجود ‏«بعض»‏ القيود على<br />

ال<strong>حرية</strong> التي ينادون بها،‏ بعبارة أخرى،‏ ينبغي عدم الخلط بني ال<strong>حرية</strong> والإجازة،‏ فال<strong>حرية</strong><br />

الكاملة في الكلام ربما تسمح ب<strong>حرية</strong> التشهري،‏ و<strong>حرية</strong> الاشتراك في دعاية زائفة ومضللة<br />

للغاية،‏ و<strong>حرية</strong> نشر مواد جنسية عن الأطفال،‏ و<strong>حرية</strong> كشف أسرار الدولة،‏ وما إلى ذلك.‏<br />

أوضح ألكساندر ميكلجون — وهو مفكر مهتم على وجه الخصوص بتنمية أنواع الحوار<br />

املفيدة للدول الديمقراطية — هذه النقطة بقوله:‏<br />

عندما يطالب الأفراد املستقلون ب<strong>حرية</strong> الكلام،‏ فإنهم لا يعنون أن يتمتع كل<br />

إنسان بحق ثابت في التحدث وقتما وأينما وكيفما يشاء،‏ فهم لا يقولون إن أي<br />

إنسان يستطيع التحدث كيفما ووقتما وعم َّا وعم َّن يحلو له.‏<br />

هذه نقطة مهمة؛ ف<strong>حرية</strong> الكلام التي نريدها هي <strong>حرية</strong> التعبري عن آرائك في الأوقات<br />

والأماكن املناسبة،‏ لا <strong>حرية</strong> الحديث في أي وقت تريد،‏ كذلك لا ينبغي أن تكون <strong>حرية</strong>ً‏<br />

للتعبري عن أي آراء كانت،‏ بل لا بد من قيود تضبطها.‏<br />

عني َّ جون ستيوارت مِ‏ ل — أشهر املساهمني في املناقشات حول حدود ال<strong>حرية</strong><br />

الشخصية ومحور الفصل الثاني من هذا الكتاب — حد هذه ال<strong>حرية</strong> بالنقطة التي<br />

يكون عندها الكلام أو الكتابة محرضني على العنف،‏ بالرغم من أنه نادى بقدر من <strong>حرية</strong><br />

التعبري الفردية أكثر بكثري مما كان يروق ملعظم معاصريه،‏ وأوضح أيضً‏ ا أن حججه<br />

15

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!