19.12.2015 Views

حرية التعبير

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

خاتمة:‏ مستقبل <strong>حرية</strong> الكلام<br />

كان أفلاطون في كتابه ‏«الجمهورية»‏ من أوائل الفلاسفة الذين نادوا بفرض قيود مشددة<br />

على <strong>حرية</strong> التعبري،‏ في املجتمع املثالي الذي يصفه لا توجد مساحة للفن التمثيلي،‏ تشري<br />

إحدى حججه الرئيسية إلى الأثر املفسِ‏ د للتمثيل أو املحاكاة،‏ يرى أفلاطون أن الواقع كما<br />

نراه هو انعكاس غري مثالي لعالم ‏«الأشكال»‏ املثالي،‏ وهي الأنماط العاملية التي تكمن وراء<br />

عالم املظاهر،‏ فالسرير الذي أنظر إليه أقل مثالية من مفهوم ‏«السرير»‏ الذي يوجد في<br />

عالم العموميات،‏ والذي نصل إليه عن طريق التأمل الفلسفي،‏ بدلاً‏ من الرؤية العادية،‏<br />

فأي تمثيل لسرير معني سيكون غري مثالي بالضرورة؛ إذ إنه تصوير لشيء هو في حد<br />

ذاته انعكاس غري مثالي للشكل ‏«سرير».‏ أراد أفلاطون الحفاظ على ملوكه الفلاسفة —<br />

وهم حكامه املثاليون لدولته املثالية — من أي شيء يُضعف حكمهم على الواقع،‏ والفن<br />

التصويري — الذي كان يبعد كثريًا عن الواقع،‏ ويشوهه بالضرورة — خاطر بعمل ذلك،‏<br />

فاستُبعد.‏<br />

مع ذلك لم تكن الصور فحسب هي التي تهدد فهم امللوك الفلاسفة للواقع في دولة<br />

أفلاطون الفاضلة،‏ فكانت بعض أنواع الكلام — خاصة الشعر الذي يتخذ فيه الفرد<br />

شكل شخصية شريرة — مفسدة أيضً‏ ا،‏ لذا يجب منعها باملثل لتأثريها الضار،‏ وعليه كان<br />

تعليم امللوك الفلاسفة لدى أفلاطون أكثر أهمية من <strong>حرية</strong> التعبري،‏ والطريقة الوحيدة<br />

للحفاظ على نقاء حكمهم ودقته هي إبعادهم عن التأثريات الضارة املحتملة.‏<br />

مع أن حجج أفلاطون ضد التمثيل تقوم على ميتافيزيقا غريبة — ربما لا تجد لها<br />

أتباعًا كُثرًا في عصرنا الحالي — فلدى أتباع أفلاطون استعداد لفرض الرقابة أينما وجدوا<br />

أقوالاً‏ وصورًا لها تأثري ضار محتمل.‏

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!