19.12.2015 Views

حرية التعبير

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

<strong>حرية</strong> التعبري<br />

احتوت محاكمة إرفينج على خطاب ختامي يلقي مزيدًا من الضوء على قضايا<br />

<strong>حرية</strong> الكلام،‏ فالنمسا بها قوانني ضد التهوين من شأن الجرائم التي ارتكبها الرايخ<br />

الثالث،‏ وفي عام ٢٠٠٦ قُبض على ديفيد إرفينج في أثناء زيارته لفيينا وسُ‏ جن بموجب<br />

هذه القوانني،‏ من منظور حجج مِ‏ ل في كتابه ‏«عن ال<strong>حرية</strong>»،‏ تدمر مثل هذه القوانني<br />

السعي وراء الحقيقة،‏ يرى مِ‏ ل أن الآراء حتى الزائفة منها تلعب دورًا في السوق الحر<br />

للأفكار،‏ فإذا أسكتنا من يتحدثون بالأكاذيب،‏ فإننا نخاطر بأن نصبح مستبدين برأينا،‏<br />

أو بالاعتقاد في الأشياء دون فهم،‏ أو بالشعور بالحماس تجاه الأدلة املؤيدة ملعتقداتنا،‏<br />

نتعرض أيضً‏ ا لخطر إعطاء مثل هذه املعتقدات الخاطئة مصداقية أكبر؛ بسبب حقيقة<br />

تعرضها للقمع بدلاً‏ من دحضها علنيٍّا،‏ فقوانني النمسا جعلت إرفينج يبدو وكأنه شهيد<br />

<strong>حرية</strong> الكلام،‏ أما املحاكمة التي أجريت في لندن — حيث تعرضت آراؤه للتفنيد والدحض<br />

املقنِع — فتمخضت عن نتائج أفضل،‏ تتناقض القوانني التي تمنع تفسري التاريخ من<br />

منظور معني تناقضً‏ ا واضحًا مع <strong>حرية</strong> الكلام،‏ لكنها قد تمجد دون قصد من يتعرضون<br />

للإسكات بسببها،‏ وهو ما لا نرغب فيه.‏<br />

(5) الاحترام بدلاً‏ من الحقيقة<br />

تختلف قضية إنكار الهولوكوست عن الكثري من قضايا <strong>حرية</strong> الكلام املعاصرة؛ ففي<br />

حالة إنكار الهولوكوست ينصب التركيز على الحقيقة،‏ على ما إذا كانت آراء معينة عن<br />

املاضي صحيحة أم لا،‏ أما الآن فتركز العديد من النزاعات على مسألة الاحترام وعدم<br />

الاحترام،‏ بدلاً‏ من الآراء وصدقها أو زيفها،‏ على سبيل املثال،‏ في برمنجهام في إنجلترا<br />

عام ٢٠٠٤، توقف الإنتاج الأول ملسرحية ‏«بيهزتي»‏ ‏(بمعنى العار)‏ للكاتبة املسرحية<br />

كوربريت كاور بهاتي،‏ بسبب املتظاهرين السيخ الذين اعتبروها مسيئة،‏ تدور الحبكة<br />

الدرامية حول أعمال الاعتداء الجنسي والقتل التي تحدث داخل جوردوارا،‏ وهو أحد<br />

معابد السيخ،‏ لم تتعلق املسألة بحقيقة أو زيف ما تصوره هذه املسرحية،‏ فما أثار<br />

سخط املعارضني للمسرحية هو عدم احترامها للطبيعة املقدسة ملعبد جوردوارا،‏ وهو رد<br />

فعل شائع للجماعات الدينية تجاه ما يعتبرونه تصويرات تجديفية لرموزها وأماكنها<br />

املقدسة في الروايات واملسرحيات والأفلام،‏ فاملسألة هنا لا تتعلق بالحقيقة،‏ بل بما إذا<br />

كان ينبغي وجود موضوعات وأماكن محظورة على الكت َّاب،‏ بسبب شعور املجموعات<br />

الدينية ‏(وغريها)‏ بالإهانة الشديدة من املعالجة غري املناسبة ملثل هذه املوضوعات.‏<br />

38

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!