حرية التعبير

حرية الكلام
إذا بدا لك مثال مخترع غاز الأعصاب خياليٍّا،‏ فإليك مثال حقيقي لكتاب بعنوان
‏«القاتل املأجور:‏ دليل فني للقتلة املأجورين املستقلني.»‏ يقدم هذا الكتاب — الذي يقال إنه
أدب خيالي — إرشادات مفصلة لكيفية القتل بحذر والتخلص من الجثث،‏ نُشر هذا الكتاب
عام ١٩٨٣ في الولايات املتحدة،‏ وزادت شهرة الكتاب عندما استأجر لورنس هورن قاتلاً‏
مأجورًا لقتل ابنه وزوجته السابقة وممرضة ابنه من أجل الحصول على أموال التأمني،‏
اتبع القاتل حرفيٍّا التعليمات الواردة بالكتاب عن كيفية جعل املسدس صعب التعقب،‏
واستخدام كاتم صوت منزلي الصنع،‏ وإطلاق النار من مسافة قريبة،‏ وما إلى ذلك.‏ حُكم
على القاتل بالإعدام،‏ وعلى هورن بالسجن مدى الحياة،‏ ورُفعت دعوى قضائية ضد ناشري
الكتاب،‏ وأعد الناشرون دفاعًا معتمدًا على التعديل الأول،‏ انتهت القضية أخريًا بتسوية
مالية من جانب الناشرين،‏ واعتبر البعض أن محاولة مقاضاة ناشري هذا الكتاب هجوم
على حرية الكلام،‏ في حني اعتبرها آخرون رد فعل أخلاقي مناسبًا ملنع التداول الواسع
لعمل أوحى بارتكاب جريمة قتل وقدم دليل تعليمات لها،‏ وربما يتكرر الأمر مرة أخرى.‏
اعتبر معظم من يرون أن الرقابة في هذه الحالة تمثل قيدًا غري مقبول على حرية الكلام
— هذا الكتاب غري مسئول وخطريًا،‏ إلا أنهم كانوا قلقني من خطر تقييد حرية الكلام،‏ لا
سيما أن أغلب املعلومات الواردة بالكتاب كانت متاحة بالفعل على نطاق واسع في أفلام
العصابات وكتب الجرائم الواقعية،‏ إذا أمكن إثبات أن الكتاب يحرض مباشرةً‏ على العنف،‏
فعندها توجد أسباب واضحة لفرض الرقابة،‏ أما إن لم يمكن ذلك،‏ فإن هذا يبدو تعديًا
على الحرية الفردية.‏
عندما تقول:‏ ‏«أؤيد حرية الكلام.»‏ فإن العبارة تكون ناقصة املعنى نسبيٍّا دون
توضيح حدود هذه الحرية،‏ ولا تعني هذه العبارة عند أغلب الناس:‏ ‏«أنا أؤيد حرية الكلام
في كل الظروف على الإطلاق.»‏ إلا أن تعيني هذه الحدود ليس بالأمر السهل،‏ فهذا يعني
تحديد الوقت الذي تحظى فيه قيمة مناقضة بالأولوية على هذه الحرية،‏ في قضية سكينك،‏
اعتبر الأمن القومي خلال فترة الحرب ‏(بأثر رجعي)‏ أعلى قيمة،‏ أما في قضية كتاب القاتل
املأجور،‏ كان يوجد قلق حقيقي من أن نشر هذا الكتاب يحمل مجازفة كبرية بوقوع
عواقب وخيمة،‏ وربما أوحى بالفعل بارتكاب جرائم قتل متعددة.‏
19