19.12.2015 Views

حرية التعبير

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

توجيه الإساءة وتلق ِّيها<br />

ينظر معظم أنصار <strong>حرية</strong> الكلام إلى قوانني التجديف على أنها أثر تاريخي ينتمي<br />

إلى عصر قديم،‏ ولا تتناسب مع مجتمع علماني إلى حد بعيد.‏ يشري مؤيدو حظر التجديف<br />

في العصر الحالي إلى أنه بسبب كون الدين أهم شيء يعتز به الفرد،‏ فلا بد أن يحظى<br />

بحماية خاصة ضد أي إساءة لفظية من أي نوع،‏ كان املوقف في بريطانيا معقدًا بسبب<br />

الدور الدستوري للكنيسة الإنجليزية.‏ تقوم فكرة التشريع املضاد للتجديف على حماية<br />

الأفراد من تعرض الآراء التي يعتزون بها للدحض بأسلوب يرونه مسيئًا،‏ إضافة إلى ذلك،‏<br />

يعتقد بعض أنصار مثل هذه القوانني أنها تحقق هدفًا عمليٍّا،‏ يتمثل في منع الأنشطة<br />

التي تهدف إلى تدمري نسيج املجتمع.‏<br />

رُفعت واحدة من أنجح قضايا الإدانة القليلة بموجب قوانني التجديف في اململكة<br />

املتحدة على مدار الأعوام الخمسني املاضية في عام ١٩٧٧ من قبل الناشطة ماري<br />

وايتهاوس ضد دينيس ليمون — رئيس تحرير مجلة ‏«جاي نيوز»‏ — بسبب نشره<br />

قصيدة ‏«الحب الذي يجرؤ أن يعلن اسمه»‏ لجيمس كريكب،‏ في هذه القصيدة يمارس<br />

أحد قادة الرومان املائة الجنس الفموي مع املسيح بعد صلبه مباشرةً،‏ ويقذف املني<br />

في جروحه،‏ وأخريًا يولج املسيح قضيبه فيه بعد نهوضه،‏ يشري القائد الروماني أيضً‏ ا<br />

إلى ممارسة املسيح الجنس من قبل مع كل الحواريني الاثني عشر،‏ تعبر القصيدة في<br />

الأساس عن خيال مثلي،‏ ونُشرت في مجلة موجهة على وجه الخصوص للقراء الشواذ،‏<br />

تمثلت حجة وايتهاوس في أن تصوير املسيح على هذا النحو مسيء للغاية للمسيحيني،‏<br />

لذا ينبغي حشد قوة القانون كلها ضده،‏ كانت القصيدة ‏«تشهريًا تجديفيٍّا»‏ وتسيء<br />

إلى املسيح،‏ أصدرت املحاكم حكمًا بالسجن تسعة أشهر مع إيقاف التنفيذ على ليمون<br />

وغرامة قدرها ٥٠٠ جنيه استرليني،‏ ودَفَع ناشر مجلة ‏«جاي نيوز»‏ غرامة أخرى قدرها<br />

١٠٠٠ جنيه استرليني،‏ وأقر الحكم مجلس اللوردات في الاستئناف،‏ كانت هذه حالة<br />

من الحظر القانوني لعمل كتابي بسبب إساءته على وجه الخصوص ملجموعة بعينها<br />

تحظى بحماية القانون،‏ بالرغم من هذا الحكم،‏ فإن القراءة العلنية للقصيدة في لندن<br />

عام ٢٠٠٢ من قبل بعض الإنسانيني — منهم جورج ميلي وبيتر تاتشيل — كنوع من<br />

التحدي لم تستوجب املساءلة،‏ كتب بيتر تاتشيل وقتها يقول:‏<br />

لِمَ‏ يحصل الدين املسيحي على حماية مميزة ضد النقد واملعارضة؟ لا تتمتع أي<br />

مؤسسة أخرى بمثل هذه السلطات الكاسحة لقمع التعبري عن الآراء والأفكار،‏<br />

باسم <strong>حرية</strong> الكلام،‏ والحق في الاحتجاج،‏ و<strong>حرية</strong> الفن،‏ ينبغي أن تُلغى تهمة<br />

التجديف.‏<br />

47

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!