حرية التعبير

الرقابة على املواد الإباحية
إن أي شيء مفسد أخلاقيٍّا أو يُرى فيه تقويض للأسرة التقليدية والقيم الأسرية ينبغي
منعه بواسطة القانون،‏ ربما يكون هذا بدافع من املعتقدات الدينية بشأن الكيفية التي
ينبغي أن يحيا بها كل البشر،‏ أو من املعتقدات العلمانية املتحفظة.‏
إن وجود املواد الإباحية وإتاحتها يثري غضب الكثريين واشمئزازهم،‏ فهم يقولون
إنها بذيئة أخلاقيٍّا وإن العالم سيصبح مكانًا أفضل إذا مُنع إنتاجها واستهلاكها،‏ فإتاحة
املواد الإباحية تتسبب في تدمري النسيج الأخلاقي للمجتمع،‏ ومن ثم من وجهة النظر
هذه يُسمح للدولة بالتدخل،‏ بل يكون من واجبها القيام بذلك،‏ يعتقد أنصار هذا املبدأ
الأخلاقي القانوني أن جزءًا من دور الدولة ضمان الحفاظ على الثقافة،‏ واملناخ الأخلاقي،‏
وأسلوب الحياة،‏ فحرية الفرد ليست قيمة يجب إعطاؤها أولوية على القيم الأسرية
التقليدية،‏ مثل القيم التي يؤمن بها معظم املسيحيني وينادي بها غالبية املدافعني عن
الدين املسيحي ‏(حتى إن لم يكونوا يمارسونها طوال الوقت)،‏ يرى هؤلاء املعارضون
للمواد الإباحية أن أي دفاع قائم على أساس مبدأ حرية الكلام هو دفاع غري مقبول،‏
فهناك قيم أخرى تحتل مكانة أعلى بكثري.‏
إن منهج فرض الرقابة على املواد الإباحية من أجل املستهلك املحتمل ومن أجل
املجتمع بوجه عام هو شكل من أشكال الأبوية املوجه نحو البالغني،‏ وسيسعد مؤيدو
هذا املذهب برؤية السلوك في إطار قانوني،‏ فهم يعتقدون أن الضرر الأخلاقي هو ضرر
حقيقي ويريدون منعه من الحدوث،‏ ويرى منتقدو هذا الرأي أنه من الخطأ أن تصدر
الحكومات أحكامًا حول الآراء املتنافسة بشأن الحياة الجيدة،‏ يجب على الحكومات —
بناءً‏ على هذا الرأي — قبول التعددية،‏ فلا تفرض منظومة أخلاقية واحدة على مواطنيها.‏
ملؤيدي الحفاظ على القيم الأسرية التقليدية ومعارضي املواد الإباحية بسبب هذه
القيم حلفاء ضمن بعض النسويني املعاصرين،‏ لا يرجع ذلك لاشتراك املجموعتني في
عدد من القيم الأساسية حول طبيعة الأسرة — فعكس ذلك هو الصحيح — ولكن لأن
العديد من النسويني سيسعدون — تمامًا مثل مؤيدي الأخلاقية — بالتخلص من املواد
الإباحية؛ بسبب الأذى — املباشر وغري املباشر،‏ والجسدي والنفسي — الذي قد يلحق
بالنساء حسب اعتقادهم.‏
هذا افتراض تجريبي يشتمل على توقع ملا يمكن أن يحدث إذا تعرض الوصول
للمواد الإباحية لقيود أكثر صرامة أو مُنع تمامًا؛ ألا وهو تحقيق مساواة أكبر بني
الجنسني،‏ وإذا وضعنا في الاعتبار السياق التاريخي للعنصرية الجنسية املنظمة والتاريخ
71