حرية التعبير
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
الفصل الثالث<br />
توجيه الإساءة وتلق ِّ يها<br />
تكررت في السنوات الأخرية عبارة أن <strong>حرية</strong> الكلام لا تكون <strong>حرية</strong> كلام حقيقية إلا إذا<br />
روعيت املسئولية في استخدامها. يد َّعي بعض الكُتاب أن توجيه الإساءة لا ينبغي أن<br />
يحميه مبدأ <strong>حرية</strong> الكلام، بعبارة أخرى، عندما يُقدِم أحد الأشخاص عمدًا (أو حتى دون<br />
قصد) على الإساءة إلى فرد أو جماعة، فليس له أن يحاول الاختباء وراء ستار <strong>حرية</strong><br />
الكلام، بل ينبغي أن يكون الإنسان مهذبًا ويحترم مشاعر الآخرين. يرى النقاد أن هذا<br />
الرأي ينكر ببساطة أي َّ مبدأ ل<strong>حرية</strong> الكلام؛ فأساس مبدأ <strong>حرية</strong> الكلام أنه يحمي مجموعة<br />
كبرية من أنواع التعبري، وهي مجموعة من الآراء أكبر بكثري مما قد يرغب أي عاقل في<br />
قبولها، يعني هذا حماية <strong>حرية</strong> الكلام للذين نعتبر آراءهم مسيئة للغاية، ومثرية للغضب،<br />
والذين نختلف معهم أشد الاختلاف، ف<strong>حرية</strong> الكلام حق للمتعصبني، وهي أيضً ا حق<br />
للمفكرين الليبراليني املهذبني، فلا يوجد سبب واضح لاستحقاق مبدأ ما اسمه «<strong>حرية</strong><br />
الكلام» إذا كان يحمي آراء من نتفق معهم فقط.<br />
بالإضافة إلى ذلك، فإن الانشغال بالرقابة الذاتية ملنع توجيه الإساءة للآخرين قد<br />
يعني الخضوع ملا يُعرف أحيانًا باسم «حق إسكات املعارضني»، وهو فكرة أنه في<br />
حال وجود احتمال بشعور شخص من جمهورك املحتمل بالإساءة مما تقول، لا ينبغي<br />
السماح لك بقوله، أو على الأقل ينبغي أن يكون لديك من اللياقة ما يمنعك من قوله، ما<br />
مدى منطقية هذه الفكرة؟<br />
كما رأينا، كان جون ستيوارت مِ ل واضحًا بشأن كون التحريض على العنف هو<br />
املرحلة التي يكون فيها التدخل لقمع <strong>حرية</strong> الكلام مناسبًا، فلا تمثل الإساءة املجردة<br />
سببًا كافيًا للتدخل، ولا ينبغي منعها بواسطة قانون أو تهديدات أو ضغط اجتماعي.<br />
أشار مِ ل إلى أن الكلام املسيء ربما تترتب عليه آثار واسعة النطاق، ربما يستشيط الناس