حرية التعبير

سوق حر للأفكار
ما لديهم إذا قيدتهم تدخلات الآخرين،‏ إذ يعمل هذا على إعاقة تطورهم الذاتي،‏ ويضر
بالجميع،‏ يرى مِ‏ ل أننا كبشر نوج ِّه أنفسنا ذاتيٍّا:‏
الطبيعة البشرية ليست آلة تُبنى وفقًا لنموذج معني،‏ وتُضبط لتعمل كما يُطلب
منها،‏ ولكنها كالشجرة تحتاج إلى النمو وتطوير نفسها من الجوانب كافة،‏
وفقًا لنزعة القوى الداخلية التي تجعلها كائنًا حيٍّا.‏
مبدأ الضرر ملِل
الهدف من هذا املقال هو التأكيد على مبدأ بسيط للغاية يمكنه التحكم تمامًا في تعاملات املجتمع
مع الفرد بأسلوب الإكراه والسيطرة،‏ سواء أكانت الوسائل املستخدمة هي القوة الجسدية — في
شكل عقوبات قانونية — أم الإكراه املعنوي من الرأي العام،‏ يتمثل هذا املبدأ في أن الهدف الوحيد
الذي يبرر للبشر التدخل — فرديٍّا أو جماعيٍّا — في حرية تصرف أي عدد من الأشخاص هو
حماية الذات،‏ وأن الغرض الوحيد الذي يحق فيه ممارسة السلطة على أي فرد في مجتمع متحضر
رغمًا عنه،‏ هو منع وقوع الضرر بالآخرين،‏ فمصلحة الفرد الذاتية — سواء الجسدية أو املعنوية
— ليست ضمانة كافية،‏ فلا يحق إجباره أو منعه من التصرف على نحو معني لأن هذا الأفضل
له،‏ أو لأن هذا سيجعله أكثر سعادةً،‏ أو لأنه — في رأي الآخرين — التصرف الحكيم أو الصائب.‏
من كتاب ‏«عن الحرية»،‏ الفصل الأول
وعلى هذا فإن مبرره الأساسي للحرية هو أنها تحقق الرفاهية لكل فرد،‏ ومن ثم
للمجتمع ككل،‏ يؤمن مِ‏ ل أيضً‏ ا بأن الآخرين لا يجب أن يقرروا كيفية تطورنا،‏ حتى
إن كان هذا بدافع قلقهم على مصلحتنا،‏ ينبغي أن تكون لنا حرية ارتكاب الأخطاء،‏
بدلاً‏ من أن يُملىَ‏ علينا أسلوب حياتنا،‏ لكن حرية الكلام ليست مجرد مجال آخر تُطبق
فيه املبادئ الليبرالية،‏ يرى مِ‏ ل أنه موضوع ذو أهمية خاصة؛ بسبب علاقته بالحقيقة
والتطور الإنساني.‏
(2) حجج مِ‏ ل
يقدم مِ‏ ل في الفصل الثاني من كتاب ‏«عن الحرية»‏ — بعنوان ‏«عن حرية الفكر والنقاش»‏
— العديد من الحجج املترابطة من أجل حماية حرية الكلام،‏ ليس من التدخل الظالم
للحكومة فحسب،‏ بل من الضغوط الاجتماعية أيضً‏ ا،‏ تقوم كل هذه الحجج على افتراض
29