19.12.2015 Views

حرية التعبير

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

توجيه الإساءة وتلق ِّيها<br />

أمامنا قضية أخرى،‏ وهي أنه من الإنصاف جعل الآراء املحورية والراسخة لدى الإنسانيني<br />

— غري املتدينني — محمية أيضً‏ ا،‏ وإلا سيكون لزامًا علينا تقديم سبب واضح ملعاملتهم<br />

على نحو مختلف،‏ وماذا عن مشكلة احتمال شعور املؤمن بالتوحيد بالإساءة في كل مرة<br />

يذكر فيها أحدُ‏ املؤمنني بتعددِ‏ الآلهة،‏ آلهتَه املتعددة أو العكس؟ لدى املجموعات املتدينة<br />

وشبه املتدينة وغري املتدينة كم من الأشياء والأماكن والأشخاص والأساطري والأفكار<br />

املقدسة التي يعتزون بها،‏ وسيكون من العبث محاولة حماية كل هذه الأشياء من<br />

الإشارات التجديفية،‏ وسيستحيل تحقيق ذلك.‏<br />

هناك حجة مضادة لهذا الرأي تشري إلى أن قانون التجديف يحمي فقط من الأساليب<br />

املتطرفة أو املسيئة في التعبري عن آراء معادية للديانة املسيحية،‏ ويمكن بسهولة توسيع<br />

هذا املنهج ليشمل ديانات أخرى في أماكن أخرى.‏ كان هذا جوهر القانون الذي اقترحه<br />

توني بلري في عام ٢٠٠٥ والذي يحظر ‏«التحريض على الكراهية الدينية».‏ كان يُفترض<br />

أن يتميز هذا القانون بمعاملة الأديان املختلفة على حد سواء،‏ مع ذلك توجد بعض الأمور<br />

التي إذا قيلت بأكثر اللغات اعتدالاً‏ ستثري غضب بعض املتعصبني الدينيني ويرونها<br />

تجديفية وتمثل تحريضً‏ ا على الكراهية الدينية،‏ كذلك تكون معظم التعبريات الدينية<br />

مسيئة للغاية لبعض غري املتدينني،‏ كما أوضح ريتشارد دوكينز في كتابه ‏«وهْ‏ م الإله»،‏<br />

حيث يرسم صورة كئيبة للدمار الذي يسببه الدين للإنسانية،‏ لا يوجد سبب واضح على<br />

الإطلاق يبرر وجوب تمتع أصحاب املعتقدات الدينية وحدهم بحماية آرائهم من الإساءة.‏<br />

إن تقرير ما يمكن اعتباره لغة ‏«معتدلة»‏ محري للغاية،‏ فمعظم ما وجده املتدينون<br />

مسيئًا للغاية في السنوات الأخرية،‏ ظهر في صورة محاكاة ساخرة ودعابة،‏ يرى العلمانيون<br />

الليبراليون أن اضطهاد املتدينني للمسرحيات والروايات والأفلام ربما يظهر على أنه غياب<br />

لحس الفكاهة،‏ وتدخ ُّ ل غري مقبول في <strong>حرية</strong> البالغني في الاستمتاع بالترفيه الذي يختارونه،‏<br />

ما دام أحد لم يتعرض للأذى في أثناء صناعته ولا يمكن تفسريه على أنه تحريض على<br />

العنف،‏ على سبيل املثال،‏ أثار فيلم ‏«حياة براين»‏ لفرقة ‏«مونتي بايثون»‏ البريطانية —<br />

الذي عرض في عام — ١٩٧٩ غضب كثري من املسيحيني،‏ مع أن اسم املسيح في الفيلم<br />

كان بريان — وليس يسوع — فإنه تعرض للصلب تمامًا مثل يسوع ‏(ومات وهو يغني<br />

‏«انظر دائمًا إلى الجانب املشرق من الحياة»).‏<br />

مؤخرًا،‏ لم تقدم املسرحية الغنائية السريالية ‏«جريي سبرينجر:‏ الأوبرا»‏ محاكاة<br />

ساخرة لتليفزيون الواقع فحسب،‏ بل للمسيحية أيضً‏ ا،‏ فكما حدث مع قصيدة كريكب،‏<br />

49

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!