حرية التعبير
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
أشار أوليفر كام لنقطة مماثلة، فقال:<br />
توجيه الإساءة وتلق ِّيها<br />
فكرة أن <strong>حرية</strong> الكلام — مع أهميتها — ينبغي ممارستها في توازن مع تجنب<br />
الإساءة، بها نوع من املغالطة؛ لأنها تفترض أن الإساءة شيء يمكن تجنبه.<br />
تتسبب <strong>حرية</strong> الكلام فعليٍّا في أذى، ولكن لا خطأ في ذلك؛ فاملعرفة تنمو من<br />
خلال تدمري الأفكار السيئة، والسخرية والتهكم من أكثر الأدوات الفعالة في<br />
هذه العملية.<br />
أكد ريتشارد بوسنر أيضً ا على الدور املهم الذي تلعبه الإساءة في سوق الأفكار،<br />
فقال:<br />
يغضب الناس عند الاعتراض على أسلوب حياتهم، إلا أن هذا الغضب ربما<br />
يكون بداية للشك ويؤدي في النهاية إلى إحداث تغيري، فك ِّر في كل الأفكار<br />
والآراء املألوفة حاليٍّا، التي كانت مسيئة للغاية عند التعبري عنها لأول مرة؛<br />
وعليه ربما ينبغي أن يكون شرط السماح للفرد بسماع وقول الأفكار التي<br />
تعارض قيم الآخرين ومعتقداتهم هو الاستعداد ملنح الحق نفسه لغريه، ومن<br />
ثم يوافق على ألا تكون الإساءة سببًا مقبولاً لفرض عقوبات على التعبري.<br />
مع ذلك ربما يكون املبرر الأساسي ملنع الإساءة للمعتقدات الدينية هو منع الإساءة<br />
املتعمدة في حد ذاتها، فهناك أشخاص يسعدون بتوجيه الإساءة إلى أصحاب الديانات<br />
املختلفة، ينبغي أن يُمنع الهجوم املتعمد على ما يعتز به هؤلاء املؤمنون؛ والسبب في<br />
ذلك أن الإساءة املتعمدة لا تؤدي إلى تكوين علاقات اجتماعية جيدة، فإذا أصبحت<br />
مجموعة معينة هدفًا دائمًا للمحاكاة الساخرة املهينة املتعمدة (مثلما حدث مع علماء<br />
السينتولوجيا)، فسيكون من الصعب عليهم أن ينالوا فرصة للتعامل معهم بجدية<br />
واحترام. نحن لا نتحدث هنا عن الإساءة العرضية؛ لأن الشخص العاقل يعبر عن أسفه<br />
عندما يعلم أن شخصً ا ما شعر بالإساءة، لذا — على سبيل املثال — ينبغي وضع رسام<br />
الكاريكاتري الذي أنتج رسمًا كاريكاترييٍّا عن النبي محمد دون أن يكون على علم بأن<br />
الإسلام يحظر تصوير نبي ِّه، في فئة مختلفة تمامًا عمن يشرع في إثارة أنصار الإسلام من<br />
خلال إنتاج رسم كاريكاتريي عن النبي محمد لأنه يعلم أن الإسلام يحظر ذلك ويرى<br />
أنه أمر سخيف ويريد التعبري عن هذا الرأي بصورة مرئية.<br />
53