حرية التعبير

حرية التعبري
العثور عليها وقراءتها والإجابة عنها في خلال ثوانٍ‏ من أشخاص في الجانب الآخر من
العالم،‏ بالطبع يمثل هذا جانبًا مقلقًا للإنترنت،‏ تمامًا كما يشكل إحدى فوائده الرئيسية،‏
إن تكلفة هذه السرعة وهذا املدى ربما تكون بالغة،‏ كما يشري بوسنر في قوله:‏ ‏«يستطيع
شخص مختل لم يتمكن من نشر كلامه في أي صحيفة أن يصل إلى آلاف أو حتى ملايني
من الأشخاص عبر الإنترنت بتكلفة لا تذكر.»‏
يعني هذا أن أي تعبري هد َّام ربما يكون أكثر خطورة من أي وقت في التاريخ،‏ لا
يمكن إنكار هذا،‏ لكن إمكانية نشر ردود بسرعة هائلة وبكم هائل من القراء يتصدى
لهذا الأمر إلى حد ما،‏ فيمكن مقابلة الكلام بكلام مضاد،‏ ويُستثنى عدد قليل للغاية من
املشاركني املحتملني في أي نقاش،‏ أيضً‏ ا يمكن التعبري عن كم أكبر من الآراء،‏ مقارنة بما
يمكن القيام به في وسائل الإعلام التقليدية السائدة.‏
أما النقطة الرابعة التي أشار إليها بوسنر — وهي أن الأفراد الخطرين املعادين
للمجتمع يستطيعون الاتصال بمن يشاركونهم الآراء نفسها ويدعم بعضهم أفكار
بعض — فهي صحيحة بالتأكيد،‏ توجد احتمالات كبرية أيضً‏ ا في أن يتسبب هذا في ضرر
حقيقي،‏ إذ يتجمع ذوو امليول الجنسية نحو الأطفال معًا بهذه الطريقة،‏ وكذا الإرهابيون،‏
وعادةً‏ ما يكون نشاط مثل هؤلاء الأشخاص نشاطًا غري قانوني،‏ فوسائل الاتصال السهلة
والشبكات التي تسمح للأشخاص املتشابهني بالعثور بعضهم على بعض يسرت العلاقات
التي أدت إلى العنف مباشرة،‏ والأقل خطورة من ذلك — لكن يظل له عواقب خطرية
للغاية وعادةً‏ مهلكة — النشاط الهائل للمراهقني املصابني بالقَهَم ‏(فقدان الشهية)‏ في
تبادل الأفكار حول فقدان الوزن والتغلب على نوبات الجوع،‏ وتدعيمهم أفكارًا خطرية
عن النحافة وشرور تناول الطعام،‏ تتمثل خطورة الحالة الأخرية في انجذاب الأفراد
سريعي التأثر إلى املواقع املؤيدة للقَهَم،‏ صحيح أن التكنولوجيا التي تسمح للمعادين
للمجتمع بتوحيد قواهم،‏ هي نفسها التي تسمح لأصحاب النوايا الحسنة باملناقشة
والتعاون ملحاربة الشر،‏ إلا أنه ينبغي لأي شخص يدافع بالكامل عن عدم تقييد الاتصال
أن تكون لديه رؤية واضحة عن مدى خطورة عواقب هذا املنهج في العصر الحالي،‏ في
ضوء هذا النوع من املخاطر،‏ أشار البعض إلى ضرورة اعتبار مزودي خدمة الإنترنت
مسئولني قانونيٍّا عن املحتوى الذي يعرضونه،‏ إلا أنه في حال تبني هذا املنهج،‏ فإننا
سنفقد الكثري من فوائد السرعة والانفتاح في الاتصالات،‏ وأخريًا ينبغي أن يعتمد القرار
الصائب في هذا املوقف على تحليل معقد للغاية ودائم التغري للتكاليف والفوائد،‏ يأخذ في
82