حرية التعبير
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>حرية</strong> التعبري<br />
(2-2) حجة العقائد امليتة<br />
يقدم مِ ل أسبابًا قوية لضرورة معارضة الحقائق املزعومة، فحتى إن كنت أُومِن بأن<br />
رأيي صائب، وأثق تمامًا في صحته، إذا لم يُناقش «تمامًا ودائمًا ودون خوف»، فسينتهي<br />
بي الحال إلى اعتناقه كعقيدة ميتة؛ أيْ رد تقليدي يفتقر إلى التفكري، صمم مِ ل على<br />
ضرورة عدم اعتناق معتقداتنا كنوع من الخرافات، بدلاً من ذلك ينبغي أن تكون حقائق<br />
حية يستطيع أصحابها الدفاع عنها عند تفنيدها، ويمكن أن تؤدي لأفعال عند الحاجة،<br />
فإذا كنت تعلم رأيك فحسب في القضية، ربما يكون اعتقادك منقوصً ا، لا بد أن تكون<br />
لديك القدرة على دحض الحجج املضادة لرأيك، وإلا لن يوجد مبرر لاعتقادك حتى إن<br />
كان صائبًا.<br />
هذا جزء من رؤية مِ ل عن معنى أن تصبح إنسانًا، وعن أهمية التفكر مليٍّا في<br />
معتقداتنا حتى تنتمي إلينا، ولا تكون مجرد إرث من الآخرين، لا ينبغي أن تكون<br />
معتقداتنا ترديدًا ملعتقدات تقليدية، فاملعتقد الذي يُعتنق بناءً على الرغبة — بدلاً من<br />
اعتناقه بعد إمعان التفكري في الحجج املؤيدة واملضادة له — يكون ذا قيمة ضئيلة.<br />
يجب علينا — متى أتيحت لنا الفرصة — التحدث مع من يخالفوننا الرأي، ومناقشتهم<br />
ومجادلتهم، والاستماع لوجهات نظرهم في املوضوع، وفهم السبب وراء اعتناقهم لآرائهم،<br />
ينصح مِ ل حتى بتقمص دور محامي الشيطان ضد آرائك الشخصية، عندما لا يوجد<br />
معارض حقيقي، علاوةً على ذلك، يرى مِ ل أنه عندما لا تُفن َّد بانتظام أسباب الإيمان<br />
برأي ما، تتعرض لخطر الزوال ويزول معها معنى الرأي، وتكون النتيجة تحول الحال<br />
من وجود عقيدة حية إلى مجرد قشرة من املعنى، فيضيع الجزء الأساسي من الفكرة،<br />
وتلك خسارة للبشرية.<br />
جون ستيوارت مِ ل عن أهمية <strong>حرية</strong> الكلام<br />
إذا كان الرأي ملكية شخصية لا قيمة لها إلا عند صاحبها، ولو كان اعتراض سبيل اعتناقه<br />
مجرد ضرر شخصي، فهناك فرق بني إلحاق هذا الضرر بعدد قليل من الأشخاص وبني إلحاقه<br />
بالكثريين، غري أن الضرر الاستثنائي لإسكات التعبري عن أحد الآراء هو أنه يحرم البشرية كلها<br />
من الفائدة، بل يكون حرمان معارضي هذا الرأي أكثر من حرمان معتنقيه.<br />
32