20.12.2022 Views

ماكو فضاء حر للابداع -4-2022

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

عمار داود<br />

عادل عابدين ومكائد حتوّ‏ ل هويّ‏ ات األشياء ووظائفها!‏<br />

1<br />

منذ بداياته توجّ‏ س من مستقبل نشاطه الفني.‏<br />

لم يكن يعلم أين يضع قدميه.‏ توجسه هذا،‏<br />

معزّزاً‏ مبا كان ينتابه من قلق متفاقم،‏ وقف<br />

حائالً‏ أمام شروعه يف الرسم،‏ وأفضى به إلى<br />

النظر يف أدوات أخرى أفرزتها حتوّالت الثقافة<br />

البصرية العاملية تقع خارج فن الرسم.‏<br />

‏»لم يدر بخلدي أن أصبح رساماً،‏ بالرغم من<br />

أنني،‏ ومنذ صغري،‏ كنت أحب الرسم كثيراً«.‏<br />

هذا ما قاله لي عادل عابدين،‏ وهو يتحدث<br />

عن فطرته التي تنزع عن األشياء واحلوادث<br />

طابعها النفعي والواقعي،‏ صاعدة بقوة حدسه<br />

إلى خياله.‏ حدس منطلق مقترن مبزاج مييل<br />

إلى الفكاهة من غير أن يركن إلى رقابة أو<br />

استدالل عقليّ‏ . إنه نتاج الهواجس والالواعي،‏<br />

وهذا األخير،‏ صمام أمان عمله،‏ ومحط<br />

إميانه،‏ وثقته مبا سيصنع اآلن والحقاً.‏<br />

ال يقص عادل عابدين حكايات يف أعماله<br />

الفيلمية،‏ وال يُلمّح إلى حكمة ما،‏ بل يذهب بنا<br />

بوساطة أفالمه القصيرة،‏ إلى حوادث يترجم<br />

لنا فيها العالم املعيش،‏ مبا فيه من أحداث<br />

صادمة تثير السخرية مرة،‏ ومتثل الغرائب<br />

مرة.‏<br />

إنها أفالم تومئ إلى ما هو خلف مظاهر<br />

األشياء،‏ إلى ما ال نراه،‏ لكن ما ميكن أن يشكل<br />

موضوعاً‏ حلساسية وجداناتنا.‏ أراد ألفالمه أن<br />

تكون مكثّفة،‏ مقتضبة،‏ مت<strong>حر</strong>زاً‏ من االستطراد<br />

والسرد،‏ ونابذاً‏ عنها كل نافل،‏ حيث ال براهنيَ‏<br />

وال مواعظ وال سطوة أخالقية أو خلفية<br />

آيديولوجية سياسية باملعنى املباشر،‏ فهي أشبه<br />

بالنصوص املرصوصة البناء املكتفية بالقليل<br />

واملوجز واملكثّف،‏ القائمة بذاتها،‏ متمركزة على<br />

حدثها الوحيد النامي،‏ بال ثرثرة داللية.‏<br />

هي أفالم معمولة باتقان،‏ ينمو احلدث فيها<br />

مت<strong>حر</strong>راً‏ من قشور التزويق،‏ فاللب هو األهم،‏<br />

لبها الذي ملك عادل ناصيته،‏ ظاهراً‏ لنا دون<br />

أن يسقط عليه من شخصيته غير حضورها<br />

كشاهد ساخر مماحك.‏<br />

ال تصف أفالمه أحالماً‏ وال أضغاثها.‏ إنها<br />

أقرب إلى رسوم مختصرة سريعة،‏ وافية<br />

بتلميحاتها،‏ تبثّ‏ أحداثاً‏ نأَت بنفسها عن<br />

التحليل املنطقي،‏ بيد أن عناصرها متتلك<br />

درجات عالية من الواقعية الهادفة إلى<br />

مشاكسة النظر السليم وخلخلة العقل الراكن<br />

إلى املألوف.‏<br />

ثمة أيضاً‏ وحدة عضوية تربط سياقاتها،‏<br />

عادل عابدين امام مجموعة من لوحاته 2015<br />

فيديو االوملبياد يف املانيا ( بلبول(‏<br />

27

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!