20.12.2022 Views

ماكو فضاء حر للابداع -4-2022

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

أخرى،‏ وأن قصدية املتكلم لن تكون حاسمة يف<br />

التعرف على الطابع االستعاري لكلمة ‏)وين(‏ يف<br />

مثل هذه األحوال.‏<br />

يف هذا العمل الفني،‏ يضع عمار داود كماً‏<br />

كبيراً‏ من يرقات الذباب يف <strong>حر</strong>كة دائبة<br />

رجراجة داخل مجسّ‏ م ثالثي األبعاد اتخذ<br />

شكل متاهة.‏ هذا املجسّ‏ م ذو شكل وبنيان يقف<br />

على الضد من البيئة احلقيقية التي تنتمي لها<br />

اليرقات املتكونة من املواد العضوية املتفسخة<br />

مثل جثث األحياء امليتة،‏ بقايا الطعام،‏ اللحوم<br />

القدمية.‏ بواسطة هذا السياق اجلديد<br />

ميعن الفنان التركيز على إظهار واقع <strong>حر</strong>كة<br />

اليرقات الدائبة،‏ ألنّها بحاجة إلى تناول الغذاء<br />

باستمرار ومن غير توقف.‏<br />

يقول عمار داود:‏ ‏»يتناسل الذباب أبداً‏ وبال<br />

هوادة،‏ وستضع إناثه البيوض على اجلثث<br />

املتهرئة املتعفنة بال كلل.‏ إنها رحلة احلي<br />

الذي يحيا على امليت«،‏ هي إذن تلك الرحلة<br />

التي يصورها عمار كالكابوس املؤثث بجثة<br />

امليت التي تشكلت أجزاؤها السوداء يف صور<br />

متاهات بال نهاية،‏ متاهات يف ثنايا سِ‏ فر<br />

احلياة واملوت.‏ أهي صورة كابوسيه لوطنه؟<br />

أم لعامله الذي يحيا فيه؟ أم كالهما؟ وهذه<br />

اليرقات،‏ أهي كناية عن حالتنا الوجودية نحن<br />

البشر؟<br />

ذكرني فيلم عمار داود بقصيدة الشاعر<br />

الفرنسي بودلير واملعنونة ب)جيفة(.‏ يقول<br />

واحد من مقاطعها:‏ ‏»وكانت السماء تنظر إلى<br />

هذه اجلثة الرائعة كأنها زهرة تتفتح،‏ وكانت<br />

رائحة العفن الشديدة حتى كدت تسقطني على<br />

األعشاب مغشياً‏ عليك.‏ وكان الذباب يطن<br />

حول هذه األحشاء املجفرة التي تنبعث منها<br />

حشرات صافات سود تنحدر كأنها سائل ثقيل<br />

على هذه األسمال احلية،‏ وهي تعلو وتهبط<br />

كاألمواج،‏ وتندفع يف صخب،‏ فيخيل إلى املرء<br />

أن اجلسد وهو ينتفخ بأنفاس خفية يستمر يف<br />

احلياة بتكاثر أجزائه.‏ كان هذا احلشد يردّد<br />

أنغاماً‏ غريبة،‏ كأنه ماء جار،‏ أو ريح عاصفة،‏<br />

أو وسوسة حبوب ّ تُذرَىَ‏ مبنسفه يف الهواء<br />

104

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!