20.12.2022 Views

ماكو فضاء حر للابداع -4-2022

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

ضروب اخليال يف زمن ليس بالبعيد،‏ يطرح<br />

لنا عابدين يف عمله ‏)مناديل التاريخ(‏ حلوالً‏<br />

تهكمية،‏ حيث نرى مناديل مطهرة لألرواح<br />

املعذبة،‏ ومناديل منظفة إلزالة الوجع واخلطيئة<br />

ووصمات العار التي تالحقهما.‏ وتبشرنا خالل<br />

املقطع الصوتي املرافق للعمل باخلالص.‏ حيث<br />

ينبه صوت االنسان االلي املرافق للمقاطع<br />

املركبة،‏ وكذلك الصوت الذي يقتحم مسامعنا<br />

عند الدخول الى موقع الكتروني مشبوه مبا<br />

يلي:‏<br />

انتبه!‏ فايروس<br />

مرحبا بكم يف النسيان.‏<br />

...<br />

لقد زالت مخاوفك بشأن املاضي<br />

لقد زالت مخاوفك بشأن املستقبل<br />

...<br />

تنفس الصعداء<br />

.........<br />

ثم ينتقل بنا عادل عابدين من عملية تطهير<br />

الروح الطوعية يف عمله املعنون ب ‏)مناديل<br />

التاريخ(‏ الى العملية القسرية لتطهير العقول،‏<br />

يف إشارة منه الى التغييب واالعترافات<br />

االجبارية يف معتقالت الدول ‏)املتمدنة(،‏ وذلك<br />

يف العمل املعنون ب ‏)التطهير(‏ عام 2018،<br />

املستوحى من لوحة اإلعدام للفنان اإلسباني<br />

غويا،‏ واملعنونة ب)الثالث من مايو 1808(.<br />

رمبا لم يتناول عابدين موضوعة فكرة التطهير<br />

املسيحية التي ال تكتمل إال بالتوبة والغفران،‏<br />

كما يبدو يف العنوان،‏ إال أنها تناولت سلب<br />

االرادة وعمليات غسيل االدمغة وتزييف الوعي<br />

واالضطهاد الفكري والسياسي،‏ يف األنظمة<br />

السلطوية،‏ ومنها األنظمة الدينية القهرية.‏<br />

ويتضمن العمل جزئني كما هو احلال يف العمل<br />

األول ‏)مناديل التاريخ(،‏ حيث اجلزء األول هو<br />

فيلم،‏ يبدو فيه ال<strong>فضاء</strong> املسرحي غريباً‏ بعض<br />

الشيء.‏ ففي مبنى ذي جدران عالية وأمام<br />

بوابة حديدية مغلقة،‏ يؤدي عدد من األفراد،‏<br />

أدوارهم كجالدون وضحايا،‏ ورجال قانون<br />

وإعالميون،‏ يف مشهد سينمائي دراماتيكي<br />

مشحون وعالي اجلودة.‏<br />

ان التنصيص على عمل غويا،‏ والبناء عليه،‏<br />

دفع عابدين إلى استبدال بنادق احلرب االهلية<br />

اإلسبانية بخراطيم املياه.‏ حيث يتم تصويب<br />

تلك اخلراطيم التي يتدفق منها املاء بغزارة،‏<br />

يف عرض ادائي،‏ باجتاه األجسام املظلمة<br />

املتسخة باأللوان القامتة،‏ التي سرعان ما<br />

تفارق جلودهم،‏ منسابة على ذلك اجلزء الثاني<br />

من العرض االدائي،‏ تاركة آثارها على سطح<br />

القماش امللقى على األرض،‏ وكأن لسان حاله<br />

يقول:‏ ال مفر.‏<br />

وبالرغم مما اضمره الفنان اال ان هناك<br />

إشارات سيكتشفها املتلقي قد تذهب الى<br />

جانب تأويلي اخر،‏ فاملشهد يحتوي على<br />

فريقني أساسيني متقابلني وهما:‏ البيض<br />

وامللونني،‏ وكأن لسان حال حاملي اخلراطيم<br />

يقول:‏ ان جلودكم امللونة،‏ قذارة،‏ وجب علينا<br />

تطهيركم منها.‏<br />

كل شيء يف تفاصيل هذا املشهد يفضي الى<br />

اإلثارة،‏ ورمبا يبحث عابدين عن خلق حالة من<br />

الصدمة والفزع عند املتلقي،‏ ورمبا ايضاً‏ يثير<br />

فينا حالة من التضامن والشفقة أو غليان ثورة<br />

داخلية عارمة.‏<br />

تهيمن قضية التفوق العرقي التي ابتكرها<br />

تاريخ االستعمار االستيطاني وعززها الغرب<br />

املعاصر،‏ على مفاصل حياتنا،‏ حيث يؤكد<br />

البروفسور يف فن السينما،‏ ريكارد داير،‏ على<br />

أن العنصرية قضية مركزية،‏ مت التسويق لها<br />

يف العالم احلديث،‏ ودخلت املشكلة العرقية يف<br />

احملافل الدولية،‏ واإلعالم الغربي،‏ وعلى سبيل<br />

املثال:‏ يتم التساؤل عمن يفجر القنابل؟ ومن<br />

يتعرض للقصف؟ ومن يحصل على الوظائف<br />

واالمتيازات والتعليم والرعاية االجتماعية؟<br />

وما هي األنشطة الثقافية التي يتم دعمها؟<br />

هذا باإلضافة الى القرارات الدقيقة التي<br />

ال تعد وال حتصى واألحكام املتعلقة بقدرات<br />

الشعوب واألفراد بناءً‏ على اشكالهم،‏ ومواقعهم<br />

اجلغرافية،‏ وكيف يتحدثون،‏ وماذا يأكلون،‏<br />

وهكذا...‏ ويبقى األشخاص ذوو النيات<br />

احلسنة يف كل مكان يكافحون للتغلب على<br />

التمييز واحلواجز العرقية دون جدوى.‏<br />

ومن اجلدير بالذكر،‏ ان عادالً‏ صور يف هذا<br />

الفيلم،‏ وبلغة بليغة،‏ إحدى أقدم الصراعات<br />

البشرية،‏ وهي صراعات األجناس املتنازعة،‏<br />

ليس فقط من خالل األداء اجلسدي للفرق<br />

املشتركة،‏ وإمنا بتلك النظرات االدائية احلازمة<br />

التي يؤديها الفريق من العرق األبيض،‏ حامل<br />

اخلراطيم،‏ واألداء البارد،‏ الال مكترث،‏ لنظرات<br />

رجال الشرطة،‏ واإلعالميني الذين اكتفوا<br />

بتغيير مواقعهم اللتقاط زوايا مختلفة للحدث،‏<br />

بل ورمبا تشير أيضاً‏ الى تصوير األحداث من<br />

وجهات النظر املتنوعة،‏ ومنها تلك التي تناسب<br />

املؤسسات التي تدفع لهم،‏ ومن جهة أخرى<br />

غابت مالمح امللونني املشغولني باالستسالم<br />

الطوعي للبيض،‏ والصراع الوجودي اخلجول<br />

الذي يحثهم على رباطة اجلأش واستمرارية<br />

املقابلة والوقوف،‏ يف أفضل األحوال.‏<br />

لقد أعلنت الرأسمالية املتوحشة انتصارها<br />

الساحق على خصومها،‏ فخلقت األزمات<br />

االجتماعية والبيئية املتالحقة واحدة تلو<br />

75

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!