20.12.2022 Views

ماكو فضاء حر للابداع -4-2022

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

محمود العبيدي<br />

واجه الفنان العبيدي حتدِّياتٍ‏ كبيرةً‏ يف حياته،‏<br />

األمر الذي أثَّر بشكلٍ‏ واضح على خياراته يف<br />

صناعة أعماله الفنية.‏ خيارات اتسمت بتمثيل<br />

الواقع السياسي واإلنساني بشكل مباشر أو<br />

غير مباشر مع احلفاظ على بثِّ‏ املتعة التي<br />

مينحها العمل الفني لدى املتذَوّق.‏ لعلّ‏ من أهم<br />

أعماله فيلم اتخذ هذا العناون املثير:‏ ‏)كيف<br />

ال تبدو مبظهر اإلرهابي بعيون املسؤولني عن<br />

املطار األميركي(،‏ وهذا العنوان:‏ ‏)السماوات<br />

العادلة(.‏<br />

يقدّم الفنان محمود العبيدي عرضه املسرحي<br />

املمزوج بنمط أدائي يف جزئني:‏ يف اجلزء<br />

األول يوثق اليوم الذي تعرض فيه إلى التمييز<br />

العنصري،‏ ويطرح يف اجلزء الثاني حلوالً‏<br />

تخيلية ساخرة.‏ أبطاله هم عشرات من الدمى<br />

املنحوتة التي اتخذت صورة العبيدي ذاته،‏<br />

وعدد من شرطة املطار األميركي.‏ يعرض<br />

العبيدي مشهداً‏ صامتاً‏ يتضمن الكثير من<br />

اإليحاءات املشحونة باملشاعر التي تستفز<br />

ذاكرة املشاهد.‏ فمن خالل العرض األدائي<br />

للدمى التي ي<strong>حر</strong>كها باليد،‏ مثلما حتُ‏ رّك<br />

عرائس املاريونيت،‏ يوثق العبيدي ويدين<br />

سلوكيات عاملنا اإلنساني املتحضر يف تلك<br />

الساعات التي سبقت إقالع الرحلة رقم كذا<br />

وكذا واملتجهة إلى الدوحة،‏ كما يحيلنا إلى<br />

األداء املنهجي لقسطنطني ستانسالفسكي،‏<br />

زعيم املسرح الواقعي الروسي،‏ وهو املنهج<br />

الذي ابتكره إلظهار الطبيعة البشرية احلقيقية<br />

معتمداً‏ على بناء شخصيات مقنعة ميكن<br />

تصديقها على خشبة املسرح.‏<br />

إن نظام ‏)ماجيك اف(،‏ أو ‏)لو الس<strong>حر</strong>ية(،‏<br />

ي<strong>حر</strong>ضك على سؤال نفسك،‏ عن أدائك يف<br />

مثل هذه املواقف:‏ ماذا كنت لتفعل حينها<br />

أو ما الذي ميكنني فعله؟ إنها األسئلة التي<br />

تطرحها ‏)لو الس<strong>حر</strong>ية(‏ على املمثلني قبل األداء<br />

على املسرح.‏ يحيلني عمل الفنان العبيدي<br />

إلى الصورة الفوتوغرافية التي أنتجها الفنان<br />

الكندي ‏)جيف وول(،‏ واملستلهمة فكرتها من<br />

رواية ‏)رالف إليسون(‏ بعنوان Invisible(<br />

،)Man تلك التي تناول فيها معاناة رجل<br />

أمريكي من أصل أفريقي مُهَمَّش.‏ يقول بطل<br />

الرواية:‏ ‏»أنا غير مرئي،‏ أفهم،‏ ببساطة ألن<br />

الناس يرفضون رؤيتي«.‏ ذلكم إذن مبثابة حوار<br />

دراماتيكي دار بني الفنان ‏)العبيدي(،‏ والفنان<br />

‏)وول(‏ عبر أعمالهما.‏ فكالهما يردّدان:‏ أن<br />

تتظاهر بالعمى،‏ أو تتفحصني بريبة،‏ أن تراني<br />

إرهابيًّا،‏ أو ال تراني،‏ تلك هي املسألة!‏<br />

يروي العبيدي التداعيات التي كانت وراء إنتاج<br />

عمله ‏)السماوات العادلة(:‏<br />

‏»لقد كان معرض الفنانني العراقيني املغتربني،‏<br />

وأنا منهم،‏ يف متحف الفن املعاصر يف<br />

تكساس،‏ معرضاً‏ استثنائياً.‏ يف طريق عودتي<br />

إلى الدوحة بعد انتهائي من زيارة املعرض،‏ لم<br />

يكن هناك من طريق مباشر إليها سوى خطوط<br />

الطيران الهولندي،‏ لكن لم يكن يف ذلك بأس.‏<br />

يف املطار،‏ وثناء طريقي للصعود على منت<br />

الطائرة وبالتحديد عند البوابة،‏ تفحصت وجوه<br />

املسافرين من حولي،‏ فكان أغلبهم من البيض،‏<br />

وعدد قليل من امللونني،‏ وأنا منهم،‏ أحمل<br />

هويتي العربية بسحنتها السمراء ونظراتها<br />

الناطقة.‏<br />

ال أحد اعترض طريقي،‏ قلت لنفسي:‏ جنحت<br />

إذن،‏ وها انا أجتاز حاجز التفتيش يف املطار<br />

األميركي من غير مضايقة.‏ لم متر سوى بضع<br />

حلظات حتى استوقفني شرطي،‏ فتاعبت تلك<br />

املشاهد التي لم تغب عن ذاكرتي.‏<br />

كنت أعلم أنه سيعود،‏ وفعال عاد.‏<br />

وراح الشرطي يخاطبني بصوت مرتفع:‏ كيف<br />

وصلت إلى هنا؟<br />

80

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!