20.12.2022 Views

ماكو فضاء حر للابداع -4-2022

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

األخرى،‏ وسلبت كل ما كان يف املاضي منطقياً‏<br />

ومعقوالً‏ وبسيطاً،‏ ثم وضعت موضوعة<br />

األخالق على احملك.‏ ويسوّق لنا القرن<br />

األمريكي املتحضر - الذي طاملا سخر من<br />

الديكتاتورية الشمولية وعبادة اجلماهير<br />

لشخصية الزعيم الكاريزماتية - اقول،‏ يسوّق<br />

لنا يومياً‏ يف عروض مثيرة للغثيان،‏ عن طريق<br />

ماليني من املواقع اإلعالمية التجارية ومواقع<br />

التواصل االجتماعية االستهالكية أعداداً‏ ال<br />

حصر لها من القدوات السياسية والدينية<br />

والنجوم الوهميني وأغنياء العمالت املشفرة و<br />

سيدات جميالت مفبركات يفتقدن للمواهب،‏<br />

واملؤثرين السطحيني يف املنصات االجتماعية،‏<br />

الذين غيروا كثيرا من نظرة الشباب للعالم<br />

اجلديد،‏ حتى بات من الصعب علينا فهم جدل<br />

املفكرين أمثال نيتشه وفرويد بشأن مفهوم<br />

القدوة ‏)املثال(‏ و)اإلنسان األعلى(‏ أو ‏)اإلنسان<br />

املتفوق(.‏<br />

لم مير هذا األمر على عابدين بسالم،‏ فقرر<br />

ان يتحفنا بعدد من األعمال الفنية،‏ مستعيناً‏<br />

مبختلف الوسائط،‏ التي تباينت بني الفيلم،‏<br />

والعمل النحتي والفن التلصيقي،‏ ليثبت لنا<br />

وجهة نظره يف هذا الشأن.‏ فعلى سبيل املثال<br />

اشتركت األعمال الثالثة:‏ العمل النحتي<br />

‏)أطالل(،‏ و ‏)مقاطع(‏ وذلك العمل الذي سماه<br />

ب ‏)يا(،‏ بتسليط الضوء على قضية قدسية<br />

السلطة الكهنوتية التي حكمت العراق بعد<br />

االحتالل،‏ حيث تضمن العمل األخير لفافة<br />

كبيرة من امللصقات البيضاء الالمعة،‏ التي<br />

طبع عليها <strong>حر</strong>ف النداء ‏)يا(،‏ وهي تتدلى من<br />

السقف على شكل سلم يصعد الى األعلى<br />

أو العكس.‏ وال شك يف أن خطاب الفنان<br />

عابدين فيه الكثير من التساؤالت التي سادت<br />

عصور السلطات الدينية،‏ والتي على إثرها<br />

نشأت نظرية احلق اإللهي،‏ التي جتيز لبعض<br />

األفراد ‏)احلكام(،‏ الناطقني باسم اإلله،‏<br />

بسط السيطرة على احملكومني ‏)املؤمنني من<br />

الشعب(.‏ وقد جادل الكثير من الفالسفة<br />

واملتخصصون ومن ضمنهم عالم النفس<br />

فرويد،‏ بشأن نشأة األخالق يف املجتمعات<br />

اإلنسانية البدائية القدمية،‏ ورجحت سبب<br />

هذا التصور األسطوري األنثروبولوجي،‏<br />

وقدسية االب،‏ و سلطوية احلاكم أو الكاهن<br />

واالسالف الى تلك املعتقدات التي شرعّ‏ ت<br />

الهيمنة االجتماعية،‏ والتسلسل الهرمي التي<br />

سادت عند الشعوب البدائية والتي أطلق عليها<br />

‏)الطوطمية والتابو(.‏ ويحل نظام الطوطمية،‏<br />

لدى بعض الشعوب البدائية يف استراليا<br />

وامريكا وافريقيا محل الدين ويقدم أساساً‏<br />

للتنظيم االجتماعي،‏ ويف جانبه الديني يقوم<br />

على صالت االحترام والرحمة املتبادلة بني<br />

اإلنسان وطوطمه.‏ ويذكر الفيلسوف فونت<br />

‏»ان احلضارة الطوطمية كونت يف كل مكان<br />

املرحلة التمهيدية للتطورات الالحقة،‏ واملرحلة<br />

االنتقالية من احلالة البدائية الى عصر<br />

األبطال وااللهة«.‏ بينما يشبه فرويد،‏ امللوك<br />

والكهنة أصحاب النفوذ والقوة العظيمة،‏<br />

بالتابو،‏ تلك الشخصية املقدسة املباركة،‏ يف<br />

احلضارات الرومانية واالغريقية واالسيوية<br />

التي تعود الى تلك القوة الس<strong>حر</strong>ية الغامضة<br />

التي تالزم األشخاص واألرواح،‏ كتلك االشياء<br />

املشحونة بالطاقة.‏ ويعرف التابو املقدس بكونه<br />

متثيل جلميع العادات االجتماعية التي ترتبط<br />

بتصورات أسطورية تهدد وتتوعد بعواقب<br />

انتهاك قدسية التابو الوخيمة والتي ال ميكن<br />

اخلالص من شرها إال بالكفّارات والقرابني،‏<br />

وهذا ما كان يف املاضي السحيق،‏ أما هدر<br />

الدماء واالغتياالت املعنوية فهي من مخرجات<br />

العصر احلديث.‏ وعلى هذا األساس يؤكد<br />

فرويد يف كتابه ‏)الطوطم والتابو(،‏ انه لم يفلت<br />

شعب او مرحلة حضارية من مضار هذا التابو.‏<br />

ويف الفيلم املعنون ب ‏)مايكل(،‏ يتناول عابدين<br />

منوذج الفنان القدوة،‏ الذي يرتقي به أحيانا<br />

إلى أعلى درجات النبوة.‏ وفيه يتم اإلعالن<br />

عن قيامة االيقونة،‏ ملك البوب،‏ ‏)مايكل<br />

جاكسون(،‏ الذي غادر عاملنا عام 2009 إثر<br />

ازمة قلبية ثارت من حولها الشكوك.‏ ويصيغ<br />

عابدين فيلمه يف شكل برنامج حواري او ‏)توك<br />

شو(،‏ يفتتحه باستعراض سلسلة من املقاطع<br />

اإلخبارية العاملية،‏ التي تؤكد ظهور مايكل يف<br />

أماكن مختلفة بعد بعثه،‏ يف الشوارع مع العمال<br />

واملشردين وكبار السن،‏ ثم يتم استضافته<br />

شخصياً‏ يف البرنامج التلفزيوني املزيف،‏ الذي<br />

76

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!