20.12.2022 Views

ماكو فضاء حر للابداع -4-2022

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

أهذا أنت .. الظل الطويل الذي ينحني من فرط ابتعاده،‏ أم<br />

هو قرينك،‏ أم هو خيالك املرسوم؟<br />

املؤثرات التي تصنعها التقنيات املعاصرة.‏<br />

ففي العمل التركيبي املعنون:‏ ‏»ذلك البيت الذي<br />

بناه أبي«‏ املكون من فوتوغراف و انيميشن<br />

ومالبس والد الفنان،‏ يظهر رجل من ظل<br />

بقياس أربعة أمتار ونصف،‏ وطول ستة أمتار<br />

ونصف،‏ وصور فوتوغرافية صغيرة احلجم لكل<br />

من والد ووالدة الفنان،‏ ومالبس والده.‏<br />

يسجّ‏ ل الفنان يف عمله هذا تداعيات زيارته<br />

ألهله بعد غياب طويل،‏ وعلى وجه التحديد<br />

تلك اللحظات التي دخل فيها غرفة والده<br />

املتوفى،‏ ليجد مالبسه مازالت معلقة على<br />

جدار الغرفة.‏ وسيعيد صادق كويش يف ما بعد<br />

تعليقها وبنفس الطريقة يف عمله الفني،‏ رمبا<br />

تأكيداً‏ على حضور األب من خالل آثاره رغم<br />

غيابه اجلسدي.‏<br />

يؤكد صادق مراراً‏ على تلك اللحظات<br />

املشحونة مبشاعر األسى التي سببها الفقدان<br />

وكل ماتبقى من والده،‏ فيقول:‏ ‏»كانت معلقة<br />

هناك،‏ ومرتبة كما كان احلال دائماً،‏ وكأنها<br />

كانت جاهزة لالرتداء ومتاماً‏ كما كان والدي<br />

يعلقها بيديه.‏ كانت على اجلدار وكأن حولها<br />

أطياف وخياالت عائمة وقلقة ال استقرار فيها،‏<br />

وكأنها تت<strong>حر</strong>ك مع صوته الذي مازال ميأل<br />

الغرفة عابقاً‏ برائحة القهوة واملواويل احلزينة.‏<br />

كانت هناك كوفية،‏ وعقال،‏ ومسبحة وثوب،‏<br />

أشياء كانت من صميم هويته ووجدانه،‏ وكانت<br />

مع دالل قهوته،‏ تعزز هيبته وكرامته وانتمائه«.‏<br />

نستشف من هذا البوح عالقة الفنان مبحيطه<br />

الذي يسكن ذاكرته،‏ من خالل عالقاته<br />

احلميمة،‏ و ‏»والدته التي لم تكتمل حكاياتها<br />

بعد«‏ - على حد قوله - وتلك اللحظات<br />

الطفولية الدافئة التي كانت جتمعه وعائلته يف<br />

ذلك البيت الذي بناه أبيه.‏<br />

يصف صادق الرجل الظل الذي رسمه يف<br />

عمله - وهو ميثل شخصيته ذاتها - بهذه<br />

الكلمات:‏ ‏»تخيل أن قامتك ترتفع لألعلى،‏<br />

وتطول أكثر فأكثر،‏ فوق كل األشياء،‏ ثم<br />

تنحني لتنظر إلى األسفل عندها سترى<br />

نفسك تت<strong>حر</strong>ك بانفعال داخل زحمة األشياء<br />

والعواطف،‏ حينها ستفقد توازنك وتدرك أنك<br />

لست أكثر من قصة قصيرة،‏ أو حكاية ضائعة<br />

بني كون من احلكايات التي ال نهاية لها،‏<br />

ستعرف أنك أنت احلكاية واحلكواتي«.‏<br />

لقد ارتبطت <strong>حر</strong>كة الالمعقول،‏ أو الكوميديا<br />

السوداء،‏ مبرحلة اخلمسينيات والستينيات<br />

من القرن املاضي،‏ غير أن بدايتها األولى التي<br />

ظهرت لفترة وجيزة ثم غابت،‏ تعود الى املرحلة<br />

املبكرة من القرن العشرين.‏ لقد عبّرت من<br />

خاللها األجيال الفتية املنتفضة عن سخطها<br />

واحتجاجها،‏ وعن الدمار الذي أصابها إثر ما<br />

تعرضت له من أهوال احلربني العامليتني األولى<br />

والثانية وما تعرض له املجتمع األوربي من<br />

تداعياتهما.‏<br />

وبالرغم من واقع حاضرنا العبثي الذي نعيشه<br />

اليوم،‏ واملادة الدسمة الكفيلة بإنعاش الدراما<br />

العبثية املشحونة باألسئلة املعادة وجدلية الال<br />

منطق،‏ إال أن هذه األخيرة توارت عن عاملنا،‏<br />

بعد أن انقضّ‏ عليها عالم الشقاء املوحش<br />

التعس،‏ عالم التوافه،‏ عاملنا الذي ال يفضي<br />

إلى شيء سوى إلى الال جدوى.‏ لقد كان<br />

طمس ذلك الشعور بالال منطق،‏ مبثابة مؤامرة<br />

أجهزت على األجيال اجلديدة التي غرقت يف<br />

متاهات حلم جمع الثروة واكتساب اجلمال<br />

والشباب الدائم.‏<br />

وبالرغم من االنتشار الواسع لفن الفيديو<br />

الذي يشترك والدراما العبثية بعدة روابط،‏<br />

مثل الالمنطق على سبيل املثال،‏ أو ما ال ليس<br />

له بداية وال نهاية،‏ أو ذلك الذي تختلط فيه<br />

األزمنة وتتداخل فيه األحداث واألمكنة غير<br />

الواقعية،‏ إضافة إلى تلك املقاطع احلوارية<br />

الناقصة أحياناً،‏ والتي من شأنها خلق حالة<br />

من التيه والال معنى إذا ما وضعت يف سياقات<br />

معينة…‏ أقول:‏ أن كل ذلك،‏ وجد له أثراً‏ واضحاً‏<br />

سواء يف االستعارات االيحائية التي تضيف<br />

طاقة جمالية استثنائية كما هو يف عدد من<br />

أفالم الفيديو آرت العراقية التي ظهرت فيها<br />

شخوص أو عبارات،‏ كتورية أو تصريح علني<br />

وضمن سياقات مختلفة كما ‏-على سبيل املثال<br />

يف أعمال الفنان عادل عابدين،‏ وأيضا يف<br />

أعمال عمار داود ومحمود العبيدي ومحمد<br />

الشمري.‏<br />

ويستعير صادق كويش بدوره من مسرح العبث<br />

وبشكل صريح شخصية غودو،‏ يف احدى<br />

أعماله املنتج بتقنية االنيميشن واملعنون:‏ ‏»غودو<br />

الذي سيأتي البارحة«،‏ لإلشارة إلى بطل<br />

مسرحية ‏)يف انتظار غودو(،‏ رائعة صمويل<br />

بيكيت.‏<br />

يقسم هذا العمل إلى جزئني:‏ األول هو فيلم<br />

من صور مت<strong>حر</strong>كة ‏)االنيميشن(‏ والثاني هو<br />

سلسلة من الصور املطبوعة ب الالمبادا.‏<br />

وثمة هنا نسختان أو شخصان من الظالل<br />

او االشباح ثنائية األبعاد متقابالن يف إحدى<br />

<strong>فضاء</strong>ات كويش الرمادية.‏ أبطال احلكاية هما:‏<br />

صادق واألنا اخلاصة به،‏ يف جلسة مونولوج<br />

داخلي،‏ بينما تت<strong>حر</strong>ك الشخوص بإيقاع بطيء،‏<br />

كما لو أنها تغوص أو تتقلب حتت املاء ويسأل<br />

أحدهم اآلخر:‏<br />

هذا انت،‏ لست متأكداً‏ أنك فعالً‏ تراني!‏<br />

أو أنني فعالً‏ أراك<br />

أنت هنا<br />

وأنا هناك<br />

اشك يف هذا الصوت<br />

أشك يف مالمحك<br />

من أنت<br />

حلمت أنني حني أكبر سأكون كما أراك<br />

يبحث صادق هنا عن وجود غودو يف ذاته،‏ لكنه<br />

95

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!