20.12.2022 Views

ماكو فضاء حر للابداع -4-2022

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

نحو غرفتها وهي تغني:‏<br />

فأر أخضر<br />

يجري بني األعشاب،‏<br />

أمسكته من ذيله<br />

عرضته على هؤالء الرجال.‏<br />

قال الرجال:‏<br />

اغمسيه يف الزيت،‏<br />

أغمسه يف املاء<br />

سوف يصبح حلزون<br />

لطيف ودافئ<br />

وضعته يف الدرج<br />

قال لي:‏ ‏»اجلو مظلم للغاية.«‏<br />

وضعته داخل قبعتي<br />

قال لي:‏ ‏»اجلو حار للغاية.«‏<br />

وفجأة،‏ يُسمَع صوت دوي انفجار،‏ وتنتشر<br />

األتربة والغبار املتطاير يف الهواء،‏ ثم يظهر<br />

عامل نظافة يبدو أنه غير مبالي مبا حدث،‏<br />

وهو يجر عربته باطمئنان يف املمر،‏ وقبل أن<br />

يهم برفع جزء من األنقاض،‏ يدوي صوت<br />

انفجار آخر.‏ يحدق العامل يف الفراغ،‏ ويؤدي<br />

واجبه باسترخاء،‏ يرفع بعضاً‏ من احلطام<br />

يف احد مكاني االنفجارين لينتقل بعدها إلى<br />

املكان اآلخر.‏ وهكذا دواليك،‏ بعد كل انفجار<br />

جديد يتلو اآلخر.‏<br />

يتعامل بطل الفيلم وهو هنا عامل النظافة <br />

بهدوء وسكينة مع االنفجار الذي هو نذير قتل<br />

وخراب،‏ وكأنه يعيش يوماً‏ عادياً‏ مير حسب<br />

العادة،‏ كما لو أنه ميارس عمله اليومي املألوف<br />

من غير احلاجة الى االهتمام بصغائر األمور.‏<br />

ثمة هنا دراما سوداء مليئة باملفارقات،‏<br />

كاخلطر واألمان،‏ والطمأنينة والفزع…‏ وندرك<br />

من خالل تلك الدراما حقيقة احلياة كما هي<br />

حقا،‏ من غير زيف أو تصنع…‏<br />

ومما يُذكر عن تلك املفارقات العبثية يف حياتنا<br />

اليومية،‏ ما قاله الفيلسوف توماس نيكَل:‏ ‏»أن<br />

شخصاً‏ ما يلقي خطاباً‏ حماسياً‏ ما،‏ لدعم<br />

اقتراح،‏ كان قد مت متريره مسبقاً،‏ أو ان يصبح<br />

أحد املجرمني،‏ سيئ السمعة،‏ رئيساً‏ ملؤسسة<br />

خيرية كبرى،‏ أو بعد اإلعالن عن حبك عبر<br />

الهاتف،‏ وبينما يتم منحك لقب فارس،‏ يسقط<br />

سروالك«.‏<br />

لكن من أين اتى عابدين بهذا،‏ وتلك النظرات<br />

الصامتة البليغة الال مكترثة،‏ من اين اتت؟<br />

يبدو،‏ وبال شك،‏ انه اكتسب ذلك لكونه عراقي،‏<br />

تعايش مع املوت والدمار،‏ حتى أمده ذلك<br />

الواقع املؤلم وهشاشة احلياة والعنف احلاضر<br />

يف يوميات وطنه،‏ وتلك األحداث الدامية بكل<br />

هذا.‏<br />

ففي هذا املشهد الصادم من كوميديا املخاطر،‏<br />

هناك طفلة،‏ واغنية،‏ وممر،‏ وعامل نظافة،‏ هي<br />

إذن،‏ دراما ال منطقية،‏ ولعبة تدور بني الفكرة<br />

ونقيضها يف مكان ضيق محدود،‏ كمثل تلك<br />

االحداث التي تظهر على مسرح الالمعقول.‏<br />

كانت األسباب الرئيسية التي تقف خلف<br />

إنتاج هذا العمل،‏ هي تلك األحداث اإلرهابية<br />

اليومية يف بغداد،‏ واملوقف الذي اتخذه العالم<br />

إزاء جرائم التفجير املروعة واالنتهاكات التي<br />

كانت تطال أفراد الشعب العراقي يوميا ولعدة<br />

سنوات.‏<br />

ويؤكد لنا الفيلسوف نيتشه،‏ على ضرورة طرح<br />

78

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!