BOOK 79
BOOK 79
BOOK 79
- No tags were found...
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
فأقدم عليه وقطع جناحيه وذنبه صحاحاً كما هي وفتح ريشها وسواها<br />
وسلخ عنه سائر جلده، وفصله على قطعتين ربط إحداهما على ظهره<br />
واألخرى على سرته وما تحتها وعلق الذنب من خلفه وعلق الجناحين<br />
على عضديه فأكسبه ذلك ستراً ودفئاً ومهابة في نفوس جميع الوحوش<br />
حتى كانت ال تنازعه وال تعارضه.<br />
فصار ال يدنو إليه شيء منها سوى الظبية التي كانت أرضعته وربته فإنها<br />
لم تفارقه وال فارقها إلى أن أسنت وضعفت فكان يرتاد بها المراعي<br />
الخصبة ويجتني لها الثمرات الحلوة ويطعمها.<br />
ومازال الهزال والضعف يستولي عليها ويتوالى إلى أن أدركها الموت<br />
فسكنت حركاتها بالجملة وتعطلت جميع أفعالها. فلما رآها الصبي على<br />
تلك الحالة جزع جزعاً شديداً وكادت نفسه تفيض أسفاً عليها. فكان<br />
يناديها بالصوت الذي كانت عادتها أن تجيبه عند سماعه ويصيح بأشد<br />
ما يقدر عليه فال يرى لها عند ذلك حركة وال تغيراً.<br />
فكان ينظر إلى أذنيها وإلى عينيها فال يرى بها آفة ظاهرة وكذلك كان<br />
ينظر إلى جميع أعضائها فال يرى بشيء منها آفة. فكان يطمع أن يعثر<br />
على موضع اآلفة فيزيلها عنها فترجع إلى ما كانت عليه، فلم يتأت له<br />
شيء من ذلك وال استطاعه وكان الذي أرشده لهذا الرأي ما كان قد<br />
اعتبره في نفسه قبل ذلك، ألنه كان يرى أنه إذا أغمض عينه أو حجبها<br />
بشيء ال يبصر شيئاً حتى يزول ذلك العائق وكذلك كان يرى أنه إذا أدخل<br />
أصبعيه في أذنيه وسدهما ال يسمع شيئاً حتى يزول ذلك العارض وإذا<br />
أمسك أنفه بيده ال يشم من الروائح شيئاً حتى يفتح أنفه.. فاعتقد من<br />
أجل ذلك أن جميع ما لها من اإلدراكات واألفعال قد تكون لها عوائق<br />
تعوقها فإذا أزيلت تلك العوائق عادت األفعال.<br />
35<br />
***