BOOK 79
BOOK 79
BOOK 79
- No tags were found...
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
عنه ذلك التحامل والميل إلى جهة العلو الذي كان يوجد منه قبل ذلك.<br />
ونظر هل يجد جسماً يعرى عن إحدى هاتين الحركتين أو الميل إلى<br />
إحداهما في وقت ما فلم يجد ذلك في األجسام التي لديه وإنما طلب<br />
ذلك ألنه طمع أن يجده فيرى طبيعة الجسم من حيث هو جسم دون أن<br />
يقترن به وصف من األوصاف التي هي منشأ التكثر.<br />
فلما أعياه ذلك ونظر إلى األجسام التي هي أقل األجسام حمالً لألوصاف<br />
فلم يرها تعرى عن أحد هذين الوصفين بوجه وهما اللذان يعبر عنهما<br />
بالثقل والخفة، فنظر إلى الثقل والخفة هل هما للجسم من حيث هو<br />
جسم أو هما لمعنى زائد على الجسمية؟ فظهر له أنهما لمعنى زائد عن<br />
الجسمية ألنهما لو كانا للجسم من حيث هو جسم لما وجد جسم إال وهما<br />
له. ونحن نجد الثقيل ال توجد فيه الخفة والخفيف ال يوجد فيه الثقل<br />
وهما ال محالة جسمان ولكل واحد منهما معنى منفرد به عن اآلخر زائد<br />
على جسميته وذلك المعنى هو الذي به غاير كل واحد منهما اآلخر ولوال<br />
ذلك لكانا شيئاً واحداً من جميع الوجوه.<br />
فتبين له أن حقيقة كل واحد من الثقيل والخفيف مركبة من معنيين،<br />
أحدهما ما يقع في االشتراك منهما جميعاً وهو معنى الجسمية واآلخر ما<br />
تنفرد به حقيقة كل واحد منهما عن اآلخر وهما إما الثقل في أحدهما<br />
وإما الخفة في اآلخر المقترنان بمعنى الجسمية أي المعنى الذي يحرك<br />
أحدهما علواً واآلخر سفالً.<br />
وكذلك نظر إلى سائر األجسام من الجمادات واألحياء فرأى أن حقيقة<br />
وجود كل واحد منهما مركبة من معنى الجسمية ومن شيء آخر زائد على<br />
الجسمية إما واحد وإما أكثر من واحد فالحت له صور األجسام على<br />
اختالفها وهو أول ما الح له من العالم الروحاني إذ هي صور ال تدرك<br />
49