BOOK 79
BOOK 79
BOOK 79
- No tags were found...
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
ومن الجهة التي تختلف فيها متغايرة ومتكثرة، فكان تارة ينظر خصائص<br />
األشياء وما ينفرد به بعضها عن بعض فتكثر عنده كثرة تخرج عن الحصر<br />
وينتشر له الوجود انتشاراً ال يضبط.<br />
وكانت تتكثر عنده أيضاً ذاته ألنه كان ينظر إلى اختالف أعضائه وأن كل<br />
واحد منها منفرد بفعل وصفة تخصه وكان ينظر إلى كل عضو منها فيرى<br />
أنه يحتمل القسمة إلى أجزاء كثيرة جداً فيحكم على ذاته بالكثرة وكذلك<br />
على ذات كل شيء.<br />
ثم كان يرجع إلى نظر آخر من طريق ثان فيرى أن أعضاءه وإن كانت كثيرة<br />
فهي متصلة كلها بعضها ببعض وال انفصال بينها بوجه فهي في حكم<br />
الواحد وأنها ال تختلف إال بحسب اختالف أفعالها وأن ذلك االختالف<br />
إنما هو بسبب ما يصل إليها من قوة الروح الحيواني الذي انتهى إليه<br />
نظره أوالً وأن ذلك الروح واحد في ذاته وهو أيضاً حقيقة الذات وسائر<br />
األعضاء كلها كاآلالت فكانت تتحد عنده ذاته بهذا الطريق.<br />
ثم كان ينتقل إلى جميع أنواع الحيوان فيرى كل شخص منها واحداً<br />
بهذا النوع من النظر ثم كان ينظر إلى نوع منها كالظباء والخيل والحمير<br />
وأصناف الطير صنفاً صنفاً فكان يرى أشخاص كل نوع يشبه بعضه بعضاً<br />
في األعضاء الظاهرة والباطنة واإلدراكات والحركات والمنازع وال يرى<br />
بينها اختالفاً إال في أشياء يسيرة باإلضافة إلى ما اتفقت فيه.<br />
وكان يحكم بأن الروح الذي لجميع ذلك النوع شيء واحد وأنه لم<br />
يختلف إال أنه انقسم على قلوب كثيرة وأنه لو أمكن أن يجمع جميع<br />
الذي افترق في تلك القلوب منه ويجعل في وعاء واحد لكان كله شيئاً<br />
واحداً بمنزلة ماء واحد أو شراب واحد على أوان كثيرة ثم يجمع بعد<br />
ذلك.<br />
45