BOOK 79
BOOK 79
BOOK 79
- No tags were found...
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
فيستأهل للحياة بذلك. ومتى زاد هذا االعتدال وكان أتم وأبعد من<br />
االنحراف كان بعده عن أن يوجد له ضد أكثر وكانت حياته أكمل.<br />
ولما كان الروح الحيواني الذي مسكنه القلب شديد االعتدال ألنه<br />
ألطف من األرض والماء وأغلظ من النار والهواء صار في حكم الوسط<br />
ولم يضاد شيء من األسطقسات مضادة بينه، فاستمد بذلك الصورة<br />
الحيوانية فرأى أن الواجب على ذلك أن يكون أعدل ما في هذه األرواح<br />
الحيوانية مستعداً ألتم ما يكون من الحياة في عالم الكون والفساد وأن<br />
يكون ذلك الروح قريباً من أن يقال إنه ال ضد لصورته فيشبه لذلك هذه<br />
األجسام السماوية التي ال ضد لصورها ويكون روح ذلك الحيوان وكأنه<br />
وسط بالحقيقة بين األسطقسات التي ال تتحرك إلى جهة العلو على<br />
اإلطالق وال إلى جهة السفل بل لو أمكن أن يجعل في وسط المسافة<br />
التي بين المركز وأعلى ما تنتهي إليه النار في جهة العلو ولم يطرأ عليه<br />
فساد لثبت هناك ولم يطلب الصعود وال النزول. ولو تحرك في المكان<br />
لتحرك حول الوسط كما تتحرك األجسام السماوية ولو تحرك في الوضع<br />
لتحرك على نفسه وكان كروي الشكل إذ ال يمكن غير ذلك فإذن هو<br />
شديد الشبه باألجسام السماوية.<br />
ولما كان قد اعتبر أحوال الحيوان ولم ير فيها ما يظن به أنه شعر بالموجود<br />
الواجب الوجود وقد كان علم من ذاته أنها قد شعرت به قطع بذلك على<br />
أنه هو الحيوان المعتدل الروح الشبيه باألجسام السماوية كلها وتبين له<br />
أنه نوع مباين لسائر أنواع الحيوان وأنه إنما خلق لغاية أخرى وأعد ألمر<br />
عظيم لم يعد له شيء من أنواع الحيوان وكفى به شرفاً أن يكون أخس<br />
جزأيه - وهو الجسماني - أشبه األشياء بالجواهر السماوية - الخارجة<br />
عن عالم الكون والفساد المنزهة عن حوادث النقص واالستحالة والتغير<br />
وأما أشرف جزأيه فهو الشيء الذي به عرف الموجود الواجب الوجود<br />
70