BOOK 79
BOOK 79
BOOK 79
- No tags were found...
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
ورأى أيضاً كل نوع من أنواع الحيوان له خاصية ينحاز بها عن سائر<br />
األنواع وينفصل بها متميزاً عنها.<br />
فعلم أن ذلك صادر له عن صورة تخصه هي زائدة عن معنى الصورة<br />
المشتركة له ولسائر الحيوان وكذلك لكل واحد من أنواع النبات مثل ذلك<br />
فتبين له أن األجسام المحسوسات التي في عالم الكون والفساد بعضها<br />
تلتئم حقيقته من معان كثيرة زائدة على معنى الجسمية وبعضها معان أقل<br />
وعلم أن معرفة األقل أسهل من معرفة األكثر فطلب أوالً الوقوف على<br />
حقيقة صور الشيء الذي تلتئم حقيقته من أقل األشياء ورأى أن الحيوان<br />
والنبات ال تلتئم حقائقهما إال من معان كثيرة لتفنن أفعالهما فأخر التفكير<br />
في صورهما. وكذلك رأى أن أجزاء األرض بعضها أبسط من بعض<br />
فقصد منها إلى أبسط ما قدر عليه. وكذلك رأى أن الماء شيء قليل<br />
التركيب لقلة ما يصدر عن صورته من األفعال وكذلك رأى النار والهواء.<br />
وقد كان سبق إلى ظنه أوالً أن هذه األربعة يستحيل بعضها إلى بعض وأن<br />
لها شيئاً واحداً تشترك فيه وهو معنى الجسمية وأن ذلك الشيء ينبغي<br />
أن يكون خلوا من المعاني التي تميز بها كل واحد من هذه األربعة عن<br />
اآلخر فال يمكن أن يتحرك إلى فوق وال إلى أسفل وال أن يكون حاراً<br />
وال أن يكون بارداً وال أن يكون رطباً واليابساً ألن كل واحد من هذه<br />
األوصاف ال يعم جميع األجسام فليست إذن للجسم بما هو جسم فإذا<br />
أمكن وجود جسم ال صورة فيه زائدة عن الجسمية فليس تكون فيه صفة<br />
من هذه الصفات وال يمكن أن تكون فيه صفة إال وهي تعم سائر األجسام<br />
المتصورة بضروب الصور.<br />
فنظر هل يجد وصفاً واحداً يعم جميع األجسام، حيها وجامدها، فلم<br />
يجد شيئاً يعم األجسام كلها إال معنى االمتداد الموجود في جميعها<br />
52