BOOK 79
BOOK 79
BOOK 79
- No tags were found...
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
بالوصول إليه.<br />
فأصخ اآلن بسمع قلبك وحدق ببصر عقلك إلى ما أشير به إليه لعلك<br />
أن تجد منه هدياً يلقيك على جادة الطريق وشرطي عليك أن ال تطالب<br />
مني في هذا الوقت مزيد بيان بالمشافهة على ما أودعه هذه األوراق،<br />
فإن المجال ضيق والتحكم باأللفاظ على أمر ليس من شأنه أن يلفظ به<br />
خطر.<br />
فأقول إنه لما فني عن ذاته وعن جميع الذوات ولم ير في الوجود إال<br />
الواحد الحي القيوم وشاهد ما شاهد ثم عاد إلى مالحظة األغيار عندما<br />
أفاق من حاله تلك التي هي شبيهة بالسكر خطر بباله أنه ال ذات له يغاير<br />
بها ذات الحق تعالى وأن حقيقة ذاته هي ذات الحق وأن الشيء الذي<br />
كان يظن أوالً أنه ذاته المغايرة لذات الحق ليس شيئاً في الحقيقة بل<br />
ليس شيء إال ذات الحق وأن ذلك بمنزلة نور الشمس الذي يقع على<br />
األجسام الكثيفة فتراه يظهر فيها.<br />
فإنه إن نسب إلى الجسم الذي ظهر فيه فليس هو في الحقيقة شيئاً سوى<br />
نور الشمس وإن زال الجسم زال نوره وبقي نور الشمس بحاله لم ينقص<br />
عند حضور ذلك الجسم ولم يزد عند مغيبه.<br />
ومتى حدث جسم يصلح لقبول ذلك النور قبله فإذا عدم الجسم ذلك<br />
القبول ولم يكن له معنى وتقوى عنده هذا الظن بما قد كان بان له<br />
من أن ذات الحق عز وجل ال تتكثر بوجه من الوجوه وأن علمه بذاته<br />
هو ذاته بعينها فلزم عنده من هذا أن من حصل عنده العلم بذاته فقد<br />
حصلت عنده ذاته وقد كان حصل عنده العلم فحصلت عنده الذات.<br />
وهذه الذات ال تحصل إال عند ذاتها ونفس حصولها هو الذات فإذن<br />
هو الذات بعينها.<br />
81