BOOK 79
BOOK 79
BOOK 79
- No tags were found...
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
واستألف جوارح الطير ليستعين بها في الصيد واتخذ الدواجن لينتفع<br />
ببيضها وفراخها، واتخذ من صياصي البقر الوحشية شبه األسنة وركبها<br />
في القصب القوي وفي عصي الزان وغيرها واستعان في ذلك بالنار<br />
وبحروف الحجارة حتى صارت شبه الرماح واتخذ ترسه من جلود<br />
مضاعفة كل ذلك لما رأى من عدمه السالح الطبيعي ولما رأى أن يده<br />
تفي له بكل ما فاته من ذلك -وكان ال يقاومه شيء من الحيوانات على<br />
اختالف أنواعها إال أنها كانت تفر عنه فتعجزه هرباً، فكر في وجه الحيلة<br />
في ذلك فلم ير شيئاً أنجح له من أن يتألف بعض الحيوانات الشديدة<br />
العدو ويحسن لها بإعداد الغذاء الذي يصلح لها حتى يتأتى له الركوب<br />
عليها ومطاردة سائر األصناف بها. وكان بتلك الجزيرة خيل برية وحمر<br />
وحشية فاتخذ منها ما يصلح له وراضها حتى كمل له بها غرضه وعمل<br />
عليها من الشرك والجلود أمثال الشكائم والسروج فتأتى له بذلك ما<br />
أمله من طرد الحيوانات التي صعبت عليه الحيلة في أخذها وإنما تفنن<br />
في هذه األمور كلها في وقت اشتغاله بالتشريح وشهوته في وقوفه على<br />
خصائص أعضاء الحيوان وبماذا تختلف وذلك في المدة التي حددنا<br />
منتهاها بأحد وعشرين عاما.<br />
***<br />
ثم إنه بعد ذلك أخذ في مآخذ أخر فتصفح جميع األجسام التي في<br />
عالم الكون والفساد ))) من الحيوانات على اختالف أنواعها والنبات<br />
والمعادن وأصناف الحجارة والتراب والماء والبخار والثلج والبرد<br />
والدخان والجليد واللهيب والحر، فرأي لها أوصافاً كثيرة وأفعاالً مختلفة<br />
وحركات متفقة ومتضادة وأنعم النظر في ذلك وتثبت فرأى أنها تتفق<br />
ببعض الصفات وتختلف ببعض وأنها من الجهة التي تتفق بها واحدة<br />
1 الكون حتول الشيء من العدم إلى الوجود، والفساد حتول الشيء من الوجود إلى العدم.<br />
44