12.11.2014 Views

BOOK 79

BOOK 79

BOOK 79

SHOW MORE
SHOW LESS
  • No tags were found...

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

وكذلك جميع الذوات المفارقة للمادة بتلك الذات الحقة التي كان يراها<br />

أوالً‏ كثيرة وصارت عنده بهذا الظن شيئاً‏ واحداً.‏ وكادت هذه الشبهة<br />

ترسخ في نفسه لوال أن تداركه الله برحمته وتالقاه بهدايته فعلم أن هذه<br />

الشبهة إنما ثارت عنده من بقايا ظلمة األجسام وكدورة المحسوسات<br />

فإن الكثير والقليل والواحد والوحدة والجمع واالجتماع واالفتراق هي<br />

كلها من صفات األجسام وتلك الذوات المفارقة العارفة بذات الحق<br />

عز وجل لبراءتها عن المادة ال يجب أن يقال إنها كثيرة وال واحدة ألن<br />

الكثير إنما هي مغايرة الذوات بعضها لبعض والواحدة أيضاً‏ ال تكون<br />

إال باالتصال وال يفهم شيء من ذلك إال في المعاني المركبة المتلبسة<br />

بالمادة غير أن العبارة في هذا الموضع قد تضيق جداً‏ ألنك إن عبرت<br />

عن تلك الذوات المفارقة بصيغة الجمع حسب لفظنا هذا أوهم ذلك<br />

معنى الكثرة فيها وهي بريئة عن الكثرة وإن أنت عبرت بصيغة اإلفراد<br />

أوهم ذلك معنى االتحاد وهو مستحيل عليها وكأني بمن يقف على هذا<br />

الموضع من الخفافيش الذين تظلم الشمس في أعينهم يتحرك في سلسلة<br />

جنونه ويقول لقد أفرطت في تدقيقك حتى أنك قد انخلعت عن غريزة<br />

العقالء واطرحت حكم المعقول فإن من أحكام العقل أن الشيء إما<br />

واحد وإما كثير،‏ فليتئد في غلوائه وليكف عن غرب لسانه وليتهم نفسه<br />

وليعتبر بالعالم المحسوس الخسيس الذي هو بين أطباقه بنحو ما اعتبر به<br />

حي بن يقظان حيث كان ينظر فيه بنظر آخر فيراه كثيراً‏ كثرة ال تنحصر<br />

وال تدخل تحت حد ثم ينظر فيه بنظر آخر فيراه واحداً.‏<br />

وبقي في ذلك متردداً‏ ولم يمكنه أن يقطع عليه بأحد الوصفين دون<br />

اآلخر.‏<br />

هذا فالعالم المحسوس منشؤه الجمع واإلفراد وفيه تفهم حقيقته وفيه<br />

االنفصال واالتصال والتحيز والمغايرة واالتفاق واالختالف فما ظنه<br />

82

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!