BOOK 79
BOOK 79
BOOK 79
- No tags were found...
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
موجود بذاته. يستند وصف الطبيعة إذن إلى تصور ميتافيزيقي، تصور ما<br />
بعد الطبيعة. بل يمكن القول إن الطبيعة هي ميتافيزيقا مقلوبة إلى أسفل.<br />
كما أن الميتافيزيقا هي طبيعة مقلوبة إلى أعلى. الطبيعة وما بعد الطبيعة<br />
علم واحد ولغة واحدة.<br />
وقصة ابن سينا تدور حول شخص واحد، حي بن يقظان. وهو الراوي<br />
والمالحظ في نفس الوقت. فالعلم ال يأتي من الرواية وحدها بل<br />
من الرواية المؤسسة على المالحظة أي العلم التجريبي. ويقوم العقل<br />
الطبيعي، دون ما حاجة إلى علم يقوم على الرواية وحدها وهو علم<br />
النبوة. في حين تقوم رواية ابن طفيل وابن باجة على شخصيتين. األولى<br />
تمثل العقل الطبيعي، والثانية تمثل العقل النبوي، أي العقل والوحي،<br />
وبتعبير األصوليين العقل والنقل. والنتيجة هي اتفاق المصدرين معاً،<br />
وهو ما انتهى إليه جميع المتكلمين والفالسفة والصوفية والفقهاء.<br />
وهذه هي الحكمة المشرقية أو الفلسفة المشرقية، وكأن اليونان تقع<br />
في الغرب. وهي كذلك بالنسبة لفارس التي نشأ فيها ابن سينا وعاش.<br />
فالفلسفة الغربية ال تعترف بالخلق وال بالبعث في حين أن الحكمة<br />
المشرقية تقوم على الخلق والبعث والحياة بعد الموت. لذلك نقد<br />
الحكماء الفالسفة قدم العالم وأبدية الجسد دون فنائه ثم بعثه. ومع ذلك<br />
تستند الحكمة المشرقية إلى العقل الطبيعي الذي تستند إليه الفلسفة<br />
المغربية. وتقوم على الدين الطبيعي الذي تقوم عليه الحكمة المشرقية.<br />
لذلك بدأت محاوالت التوفيق بين الحكمتين فيما سماه ابن رشد »فصل<br />
المقال فيما بين الحكمة والشريعة من االتصال«.<br />
ويحيل ابن سينا إلى القرآن نصاً وليس عن طريق أسلوبه كما يفعل<br />
السهروردي. وهو الفيلسوف الذي يعتمد على العقل دون النقل. ويبدو<br />
9