BOOK 79
BOOK 79
BOOK 79
- No tags were found...
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
األوقات أقرب إلى بصره منها في وقت آخر ولو كانت كذلك لكانت<br />
مقاديرها وأعظامها تختلف عند بصره فيراها في حال القرب أعظم مما<br />
يراها في حال البعد الختالف أبعادها عن مركزه حينئذ بخالفها على<br />
األول فلما لم يكن شيء من ذلك تحقق عنده كروية الشكل.<br />
وما زال يتصفح حركة القمر فيراها آخذة من المغرب إلى المشرق<br />
وحركات الكواكب السيارة كذلك حتى تبين له قدر كبير من عالم الهيئة<br />
وظهر له أن حركاتها ال تكون إال بأفالك كثيرة كلها مضمنة في فلك واحد<br />
هو أعالها وهو الذي يحوك الكل من المشرق إلى المغرب في اليوم<br />
والليلة وشرح كيفية انتقاله ومعرفة ذلك يطول وهو مثبت في الكتب وال<br />
يحتاج منه في غرضنا إال القدر الذي أوردناه.<br />
فلما انتهى إلى هذه المعرفة ووقف على أن الفلك بجملته وما يحتوي<br />
عليه كشيء واحد متصل بعضه ببعض وأن جميع األجسام التي كان ينظر<br />
فيها أوالً كاألرض والماء والهواء والنبات والحيوان وما شاكلها هي كلها<br />
في ضمنه وغير خارجة عنه وأنه كله أشبه شيء بشخص من أشخاص<br />
الحيوان وما فيه من الكواكب المنيرة هي بمنزلة حواس الحيوان وما فيه<br />
من ضروب األفالك المتصل بعضها ببعض هي بمنزلة أعضاء الحيوان<br />
وما في داخله في عالم الكون والفساد هي بمنزلة ما في جوف الحيوان<br />
من أصناف الفضول والرطوبات التي كثيراً ما يتكون فيها أيضاً حيوان<br />
كما يتكون في العالم األكبر.<br />
***<br />
فلما تبين له أنه كله كشخص واحد في الحقيقة قائم محتاج إلى فاعل<br />
مختار واتحدت عنده أجزاؤه الكثيرة بنوع من النظر الذي اتحدت به<br />
عنده األجسام التي في عالم الكون والفساد تفكر في العالم بجملته هل<br />
58