BOOK 79
BOOK 79
BOOK 79
- No tags were found...
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
لغربته فيهم، ومراعاة لحق صاحبهم أبسال.<br />
ومازال حي بن يقظان يستلطفهم ليالً ونهاراً ويبين لهم الحق سراً وجهاراً<br />
فال يزيدهم ذلك إال نبوا ونفارا مع أنهم كانوا محبين للخير راغبين<br />
في الحق إال أنهم لنقص فطرتهم كانوا ال يطلبون الحق من طريقه وال<br />
يأخذونه بجهة تحقيقه وال يلتمسونه من بابه بل كانوا ال يريدون معرفته<br />
من طريق أربابه فيئس من إصالحهم وانقطع رجاؤه من صالحهم لقلة<br />
قبولهم.<br />
وتصفح طبقات الناس بعد ذلك فرأى كل حزب بما لديهم فرحون قد<br />
اتخذوا إلههم هواهم ومعبودهم شهواتهم وتهالكوا في جمع حطام الدنيا<br />
وألهاهم التكاثر حتى زاروا المقابر ال تنجع فيهم الموعظة وال تعمل<br />
فيهم الكلمة الحسنة وال يزدادون بالجدل إال إصراراً. وأما الحكمة فال<br />
سبيل لهم إليها وال حظ لهم منها قد غمرتهم الجهالة وران على قلوبهم<br />
ما كانوا يكسبون )ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم<br />
غشاوة ولهم عذاب عظيم(.<br />
فلما رأى سرادق العذاب قد أحاط بهم وظلمات الحجب قد تغشتهم<br />
والكل منهم إال اليسير ال يتمسكون من ملتهم إال بالدنيا وقد نبذوا<br />
أعمالهم على خفتها وسهولتها وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليالً<br />
وألهاهم عن ذكر الله تعالى التجارة والبيع ولم يخافوا يوماً تتقلب فيه<br />
القلوب واألبصار - بان له وتحقق على القطع أن مخاطبتهم بطريق<br />
المكاشفة ال تمكن وأن تكليفهم من العمل فوق هذا القدر ال يتفق<br />
وأن حظ أكثر الجمهور من االنتفاع بالشريعة إنما هو في حياتهم الدنيا<br />
ليستقيم له معاشه وأن حظ أكثر الجمهور من االنتفاع بالشريعة إنما هو<br />
في حياتهم الدنيا ليستقيم له معاشه وال يتعدى عليه سواه فيما اختص هو<br />
96